يا عيسى ، أعطيتك ما أنعمت به عليك فيضاً [ من ] (١) غير تكدير ، وطلبته منك قرضاً لنفسك ، فإن بخلت به عليها تكون من الهالكين.
يا عيسى ، تزيَّن بالدين ، وحب المساكين ، وامش على الأرض هوناً ، وصل على البقاع فكلها طاهر.
يا عيسى ، ما خير في لذاذة لا تدوم ، وعيش عن صاحبه يزول!
يا عيسى بن مريم ، لورأت عينك ما أعددت لأوليائي الصالحين ، ذاب قلبك وزهقت نفسك شوقاً إليه ، وليس كدار الآخرة دار تجاور فيها الطيبين ، وتدخل عليهم الملائكة المقربون ، وهم مما يأتي يوم القيامة من أهوالها آمنون ، دار لايتغتر فيها النعيم ، ولا يزول عن أهلها (٢) ، يا بن مريم ، إن كنت لها من ألعالمين مع آبائك آدم وإبراهيم في جنات ونعيم ، لا تبغي بها بدلاً ولا تحويلاً كذلك أفعل بالمتقين.
يا عيسى ، اهرب إليّ مع من هرب ، من نار ذات لهب ، ونار ذات أغلال وأنكال ، لايدخلها روح ولا يخرج منها غم أبداً ، قطع كقطع الليل المظلم ، من ينج منها يفز ، ومن لم ينج من أنكالها هلك مع الهالكين ، هي دار الجبارين ، والعتاة الظالمين ، وكل فظ غليظ ، وكل مختال فخور.
يا عيسى ، بئست الدار لمن ركن إليها ، وبئس ألقرار دار الظالمين ، إني اُحذرك نفسك فكن بي خبيراً.
يا عيسى ، كن حيث ما كنت مراقباً لي ، واشهد على أنّي خلقتك ، وأنّك عبدي ، وأنّي صورتك ، والى الأرض أهبطتك.
يا عيسى ، لا يصلح لسانان في فم واحد ، ولا قلبان في صدر واحد ، وكذلك الأذهان.
يا عيسى ، لا تصحبن عاصياً ، ولا تصحبنّ لاهياً (٣) ، وافطم نفسك عن الشهوات الموبقات ، وكل شهوة تباعدك منّي فاهجرها ، وأعلم أنك مني بمكان (٤)
__________________
١ ـ أثبتناه من الكافي وتنبيه الخواطر.
٢ ـ في الكافي وتنبيه الخواطر زيادة : يا ابن مريم نافس فيها مع المتنافسين ، فإنها اُمنية المتمنين ، حسنة المنظر ، طوبى لك.
٣ ـ في الكافي وتنبيه الخواطر : لا تستيقظن عاصياً ولا تستنبهن لاهياً.
٤ ـ في الأصل : بمعنى ، وما أثبتناه من الكافي وتنبيه الخواطر.