منهم ، أحمد ، صاحب الجمل الأحمر ، والوجه الأقمر ، المشرق بالنور ، الطاهر القلب ، الشديد البأس ، الحي المتكرم ، فإنه رحمة للعالمين ، وسيد ولد آدم يوم يلقاني ، أكرم السابقين عليّ ، وأقرب المرسلين عندي ، وهو العربي الأمي الديان بديني ، الصابر في ذاتي ، المجاهد المشركين بيديه عن ديني ، أن تخبر به بني إسرائيل ، وتأمرهم أن يصدّقوا به ، وأن يتبعوه وينصروه.
يا عيسى ، كل ما يقربك مني قد دللتك عليه ، وكل ما يباعدك مني قد نهيتك عنه ، فارتد (١) لنفسك.
يا عيسى ، إن الدنيا حلوة ، وإنما استعملتك فيها ، فجانب منها ما حذرتك ، وخذ منها ما أعطيتك عفواً.
يا عيسى ، انظر في عملك نظر العبد المذنب الخاطئ ، ولا تنظر في عمل غيرك بمنزلة الرب ، كن فيها زاهداً ، ولا ترغب فيها فتعطب.
يا عيسى ، اعقل وتفكر ، وانظر في نواحي الأرض ، كيف كان عاقبة الظالمين!؟
يا عيسى ، كلّ وصفي نصيحة لك ، فقل الحق وأنا الحق المبين ، فحقاً أقول : لئنأنت عصيتني بعد أن أنبأتك ، مالك من دوني ولي ولا نصير.
يا عيسى ، أذِلَّ قلبك بالحسنة ، وانظر إلى ما هو أسفل منك ولا تنظر إلى من هو فوقك ، واعلم أن رأس كل خطيئة أو ذنب هو حب الدنيا ، فلا تحبها فإني لا أحبها.
يا عيسى ، أطب لي قلبك ، وأكثر ذكري في الخلوات ، وأعلم أن سروري أنت ُبصبص (٢) إليّ ، كن في ذلك حياً ولاتكن ميتاً.
يا عيسى ، لاتشرك بي شيئاً ، وكن مني على حذر ، ولاتغتر بالنصيحة ، ولاتقنط نفسك ، فإن الدنيا كفيء زائل ، وما أقبل منها كما أدبر ، فنافس في الصالحات جهدك ، وكن مع الحق حيث ما كان ، وإن قطِعت وحرَقت بالنار فلا تكفر بي بعد المعرفة ، ولاتكن من الجاهلين ، فإن الشيء يكون مع الشيء.
__________________
١ ـ ارتد : اطلب « الصحاح ـ رود ـ ٢ : ١٤٧٨ ».
٢ ـ قال الطريحي في مجمع البحرين ـ بصص ـ ٤ : ١٦٤ : وفي الحديث القدسي « يا عيسى سروري أن تُبصبص إلي » أي تقبل إليَ بخوف وطمع ، ونقل الشهيد محمد بن مكي رحمهالله عن أبي جعفر أبن بابويه أن البصبصة : أن ترفع سبابتك إلى السماء وتحركها وتدعو.