ويولد الغفلة ، وإياكم واستشعار الطمع ، فإنه يشوب القلب شدّة الحرص ، ويختم على القلوب بطبائع حب الدنيا ، وهو مفتاح كل سيئة ، ورأس كل خطيئة ، وسبب إحباط كل حسنة » (١).
الخامس والعشرون : عن عبد الله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « إنما هو خير يرجى ، أو شر يتقى ، أو باطل عُرف فاجتنب ، أو حق تيقن فطلب ، وآخرة أظلّ إقبالها فسُعي لها ، ودنيا عرف نفادها فأعرض عنها ، وكيف يعمل للآخرة ، من لا تنقطع من الدنيا رغبته ، ولا تنقضي فيها شهوته ، إن العجب كل العجب لمن صدّق بدار البقاء ، وهو يسعى لدار الفناء! وعرف أنّ رضى الله في طاعته ، وهو يسعى في مخالفته! » (٢).
السادس والعشرون : عن أبي أيوب الأنصاري قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « حَلّوا أنفسكم الطاعة ، وألبسوها قناع المخافة ، واجعلوا آخرتكم لأنفسكم ، وسعيكم لمستقركم ، واعلموا أنكم عن قليل راحلون ، وإلى الله صائرون ، ولا يغني عنكم هنالك إلا صالح عمل قدمتموه ، وحسن ثواب أحرزتموه ، فإنكم إنما تقدمون على ما قدّمتم ، وتجازون على ما أسلفتم ، فلا تخد عنّكم زخارف دنيا دنية ، عن مراتب جنات عَلِيّة ، فكأن قد انكشف القناع ، وارتفع الإرتياب ، ولاقىّ كل أمريء مستقره ، وعرف مثواه ومنقلبه » (٣).
السابع والعشرون : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في خطبة ـ : « لا تكونوا ممن خدعته العاجلة ، وغرته الاُمنية ، فاستهوته الخدعة ، فركن إلى دار سوء ، سريعة الزوال وشيكة الانتقال ، إنه لم يبق من دنياكم هذه في جنب ما مضى إلا كإناخة راكب ، أو صّر حالب (٤) ، فعلام تعرجون ، وماذا تنتظرون ، فكأنكم ـ والله ـ وما أصبحتم فيه من الدنيا لم يكن ، وما تصيرون إليه من الآخرة لم يزل ، فخذوا الاُهبة لأزوف (٥) النقلة ، وأعدّوا الزاد لقرب الرحلة ، واعلموا أنّ كل
__________________
١ ـ البحار ٧٧ : ١٨٢ عن أعلام الدين.
٢ ـ أخرجه المجلسي في البحار ٧٧ : ١٨٢ عن أعلام الدين.
٣ ـ البحار ٧٧ : ١٨٢ عن أعلام الدين.
٤ ـ صر الحالب الناقة : عادة عندهم يصرّون ضرع الناقة الحلوب إذا أرسلوها إلى المرعى فإذا راحت إليهم عشياً حلوا الصرار وحلبوها. « لسان العرب ـ صرر ـ ٤ : ٤٥١ ».
٥ ـ يقال ازِفَ شخوص فلان أزفاً وأزوفاً : أي قرب « مجمع البحرين ـ أزف ـ ٥ : ٢٣ ».