أعلم (١).
وقد رواه أيضا في غير موضع مسلم والنسائي من غير وجه ، عن سفيان بن عيينة به. وقال الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا يحيى ، حدثنا مجالد ، حدثنا عامر ، حدثنا جابر «ح» وحدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا عبد الرحمن بن مغراء الدوسي ، حدثنا مجالد عن الشعبي عن جابر قال : لما مات رأس المنافقين قال يحيى بن سعيد بالمدينة فأوصى أن يصلي عليه النبي صلىاللهعليهوسلم فجاء ابنه إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : إن أبي أوصى أن يكفن بقميصك وهذا الكلام في حديث عبد الرحمن بن مغراء ، قال يحيى في حديثه : فصلى عليه وألبسه قميصه فأنزل الله تعالى : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) وزاد عبد الرحمن : وخلع النبي صلىاللهعليهوسلم قميصه فأعطاه إياه ومشى فصلى عليه وقام على قبره ، فأتاه جبريل عليهالسلام لما ولى قال (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) وإسناده لا بأس به وما قبله شاهد له.
وقال الإمام أبو جعفر الطبري (٢) : حدثنا أحمد بن إسحاق ، حدثنا أحمد ، حدثنا حماد بن سلمة عن يزيد الرقاشي عن أنس ، أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أراد أن يصلي على عبد الله بن أبي فأخذ جبريل بثوبه وقال (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) ورواه الحافظ أبو يعلى في مسنده من حديث يزيد الرقاشي وهو ضعيف. وقال قتادة أرسل عبد الله بن أبي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو مريض فلما دخل عليه قال له النبي صلىاللهعليهوسلم : «أهلكك حب يهود» قال : يا رسول الله إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتؤنبني ، ثم سأله عبد الله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه إياه وصلى عليه وقام على قبره ، فأنزل الله عزوجل (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً) (٣) الآية.
وقد ذكر بعض السلف أنه إنما كساه قميصه لأن عبد الله بن أبي لما قدم العباس طلب له قميص فلم يوجد على تفصيله إلا ثوب عبد الله بن أبي لأنه كان ضخما طويلا ففعل ذلك به رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكافأة له فالله أعلم. ولهذا كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد نزول هذه الآية الكريمة عليه لا يصلي على أحد من المنافقين ولا يقوم على قبره ، كما قال الإمام أحمد (٤) : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي عن أبيه ، حدثني عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال : كان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم إذا دعي إلى جنازة سأل عنها ، فإن أثنى عليها خيرا قام فصلى عليها ، وإن كان غير ذلك قال لأهلها «شأنكم
__________________
(١) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٢٢ ، واللباس باب ٨ ، ومسلم في المنافقين حديث ٢ ، والنسائي في الجنائز باب ٤٠.
(٢) تفسير الطبري ٦ / ٤٣٩ ، ٤٤٠.
(٣) انظر تفسير الطبري ٦ / ٤٤٠ ، ٤٤١.
(٤) المسند ٥ / ٢٩٩ ، ٣٠٠.