شيء ، ثم ردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم ، وأنزل الله (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (١). وقال أبو معشر المدني عن محمد بن قيس ومحمد بن كعب القرظي قالا : لما دنا القوم بعضهم من بعض أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبضة من تراب فرمى بها في وجوه القوم وقال : «شاهت الوجوه» فدخلت في أعينهم كلهم وأقبل أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يقتلونهم ويأسرونهم وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) (٢).
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) قال هذا يوم بدر أخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاث حصيات فرمى بحصاة ميمنة القوم ، وحصاة في ميسرة القوم وحصاة بين أظهرهم وقال «شاهت الوجوه» فانهزموا ، وقد روي في هذه القصة عن عروة عن مجاهد وعكرمة وقتادة وغير واحد من الأئمة أنه أنزلت في رمية النبي صلىاللهعليهوسلم يوم بدر وإن كان قد فعل ذلك يوم حنين أيضا.
وقال أبو جعفر بن جرير (٣) : حدثنا أحمد بن منصور حدثنا يعقوب بن محمد حدثنا عبد العزيز بن عمران حدثنا موسى بن يعقوب بن عبد الله بن زمعة عن يزيد بن عبد الله عن أبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة عن حكيم بن حزام قال : لما كان يوم بدر سمعنا صوتا وقع من السماء كأنه صوت حصاة وقعت في طست ورمى رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلك الرمية فانهزمنا ، غريب من هذا الوجه ، وهاهنا قولان آخران غريبان جدا.
[أحدهما] قال ابن جرير (٤) : حدثني محمد بن عوف الطائي حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان بن عمرو حدثنا عبد الرحمن بن جبير أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم ابن أبي الحقيق بخيبر دعا بقوس فأتى بقوس طويلة وقال «جيئوني بقوس غيرها» فجاؤوه بقوس كبداء فرمى النبيصلىاللهعليهوسلم الحصن فأقبل السهم يهوي حتى قتل ابن أبي الحقيق وهو في فراشه فأنزل الله عزوجل (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) وهذا غريب وإسناده جيد إلى عبد الرحمن بن جبير بن نفير ولعله اشتبه عليه أو أنه أراد أن الآية تعم هذا كله وإلا فسياق الآية في سورة الأنفال في قصة بدر لا محالة وهذا مما لا يخفى على أئمة العلم والله أعلم.
[والثاني] روى ابن جرير أيضا والحاكم في مستدركه بإسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب والزهري أنهما قالا : أنزلت في رمية النبي صلىاللهعليهوسلم يوم أحد أبي بن خلف بالحربة وهو في لأمته فخدشه في ترقوته فجعل يتدأدأ عن فرسه مرارا حتى كانت وفاته بعد أيام قاسى فيها العذاب
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ٦ / ٢٠٣.
(٢) تفسير الطبري ٦ / ٢٠٣.
(٣) تفسير الطبري ٦ / ٢٠٣.
(٤) لم أجد هذا الأثر والذي يليه في تفسير الطبري.