وقد ورد في سبب نزول هذه الآية ما رواه ابن جرير (١) : حدثني نصر بن عبد الرحمن الأودي ، حدثنا حكام الرازي عن أيوب ، عن عمرو هو ابن قيس الملائي ، عن ابن عباس قال : قالوا : يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم لو قصصت علينا؟ فنزلت (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) ، ورواه من وجه آخر عن عمرو بن قيس مرسلا. وقال أيضا (٢) : حدثنا محمد بن سعيد القطان ، حدثنا عمرو بن محمد ، أنبأنا خالد الصفار عن عمرو بن قيس ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه قال : أنزل على النبي صلىاللهعليهوسلم القرآن. قال : فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله لو قصصت علينا؟ فأنزل الله عزوجل (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) إلى قوله : (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ثم تلاه عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله لو حدثتنا ، فأنزل الله عزوجل (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) الآية ، وذكر الحديث ، ورواه الحاكم من حديث إسحاق بن راهويه عن عمرو بن محمد القرشي المنقري به.
وروى ابن جرير (٣) بسنده عن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : مل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ملة فقالوا : يا رسول الله حدثنا ، فأنزل الله (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) ثم ملوا ملة أخرى ، فقالوا : يا رسول الله حدثنا فوق الحديث ، ودون القرآن يعنون القصص ، فأنزل الله عزوجل (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) الآية ، فأرادوا الحديث ، فدلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص.
ومما يناسب ذكره عند هذه الآية الكريمة المشتملة على مدح القرآن ، وأنه كاف عن كل ما سواه من الكتب ما رواه الإمام أحمد (٤) : حدثنا سريج بن النعمان ، أنبأنا هشيم ، أنبأنا مجالد عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلىاللهعليهوسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه على النبي صلىاللهعليهوسلم. قال : فغضب وقال «أمتهوّكون فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده ، لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبونه ، أو بباطل فتصدقونه ، والذي نفسي بيده ، لو أن موسى كان حيّا ما وسعه إلا أن يتبعني».
وقال الإمام أحمد (٥) : حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا سفيان عن جابر ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن ثابت قال : جاء عمر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة ، فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ قال : فتغير وجه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال
__________________
(١) تفسير الطبري ٧ / ١٤٧.
(٢) تفسير الطبري ٧ / ١٤٨.
(٣) تفسير الطبري ٧ / ١٤٧ ، ١٤٨.
(٤) المسند ٣ / ٣٧٨.
(٥) المسند ٣ / ٣٦٥ ، ٣٦٦.