يقول تعالى : لقد كان في خبر المرسلين مع قومهم ، وكيف نجينا المؤمنين وأهلكنا الكافرين (عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ) وهي العقول ، (ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى) أي وما كان لهذا القرآن أن يفترى من دون الله ، أي يكذب ويختلق (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) أي : من الكتب المنزلة من السماء وهو يصدق ما فيها من الصحيح ، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ، ويحكم عليها بالنسخ أو التقرير.
(وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ) من تحليل وتحريم ومحبوب ومكروه ، وغير ذلك من الأمر بالطاعات والواجبات والمستحبات ، والنهي عن المحرمات وما شاكلها من المكروهات ، والإخبار عن الأمور الجلية ، وعن الغيوب المستقبلة المجملة والتفصيلية ، والإخبار عن الرب تبارك وتعالى وبالأسماء والصفات ، وتنزهه عن مماثلة المخلوقات ، فلهذا كان (هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) تهتدي به قلوبهم من الغي إلى الرشاد ، ومن الضلال إلى السداد ، ويبتغون به الرحمة من رب العباد ، في هذه الحياة الدنيا ويوم المعاد ، فنسأل الله العظيم أن يجعلنا منهم في الدنيا والآخرة ، يوم يفوز بالربح المبيضة وجوههم الناضرة ، ويرجع المسودّة وجوههم بالصفقة الخاسرة. آخر تفسير سورة يوسف عليهالسلام ولله الحمد والمنة وبه المستعان.