قال البخاري (١) : قوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) ألم تعلم ، كقوله : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا) البوار الهلاك ، بار يبور بورا ، و (قَوْماً بُوراً) هالكين. حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا سفيان عن عمرو عن عطاء. سمع ابن عباس (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) قال : هم كفار أهل مكة ، وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية ، هو جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم (٢) ، والمشهور الصحيح عن ابن عباس هو القول الأول : وإن كان المعنى يعم جميع الكفار ، فإن الله تعالى بعث محمداصلىاللهعليهوسلم رحمة للعالمين ونعمة للناس ، فمن قبلها وقام بشكرها دخل الجنة ، ومن ردها وكفرها دخل النار ، وقد روي عن علي نحو قول ابن عباس الأول.
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا شعبة عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل عليا عن (الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) قال : هم كفار قريش يوم بدر ، حدثنا المنذر بن شاذان ، حدثنا يعلى بن عبيد ، حدثنا بسام هو الصيرفي عن أبي الطفيل قال : جاء رجل إلى علي فقال : يا أمير المؤمنين من الذين بدلوا نعمة الله كفرا ، وأحلوا قومهم دار البوار؟ قال : منافقو قريش وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا ابن نفيل قال : قرأت على معقل عن ابن أبي حسين قال : قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : ألا أحد يسألني عن القرآن ، فو الله لو أعلم اليوم أحدا أعلم به مني وإن كان من وراء البحار لأتيته ، فقام عبد الله بن الكواء فقال : من الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار؟ قال : مشركو قريش أتتهم نعمة الله الإيمان فبدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار.
وقال السدي في قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً) الآية ، ذكر مسلم المستوفى ، عن علي أنه قال : هم الأفجران من قريش : بنو أمية وبنو المغيرة ، فأما بنو المغيرة ، فأحلوا قومهم دار البوار يوم بدر ، وأما بنو أمية فأحلوا قومهم دار البوار يوم أحد ، وكان أبو جهل يوم بدر ، وأبو سفيان يوم أحد ، وأما دار البوار فهي جهنم.
وقال ابن أبي حاتم رحمهالله : حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا الحارث أبو منصور ، عن إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن مرة قالا : سمعت عليا قرأ هذه الآية (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ) قال : هم الأفجران من قريش : بنو أمية ، وبنو المغيرة ، فأما بنو المغيرة فأهلكوا يوم بدر ، وأما بنو أمية فمتعوا إلى حين ، ورواه أبو إسحاق عن عمرو بن مرة عن علي ، نحوه ، وروي من غير وجه عنه.
__________________
(١) كتاب التفسير ، تفسير سورة ١٤ ، باب ٣.
(٢) انظر تفسير الطبري ٧ / ٤٥١.