(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ) [النحل : ٣٨] (أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ) [إبراهيم : ٤٤] الآية (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) [الأعراف : ٤٩] فكأنهم كانوا لا يكذبون بشيء من الدنيا إلا أقسموا عليه فسموا مقتسمين ، قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : المقتسمون أصحاب صالح الذين تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله.
وفي الصحيحين عن أبي موسى عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه فقال : يا قوم إني رأيت الجيش بعيني ، وإني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء ، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا وانطلقوا على مهلهم فنجوا ، وكذبه طائفة منهم فأصبحوا مكانهم ، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم ، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق» (١).
وقوله : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أي جزءوا كتبهم المنزلة عليهم فآمنوا ببعض وكفروا ببعض. قال البخاري : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا هشيم ، أنبأنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) قال : هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. حدثنا عبيد الله بن موسى عن الأعمش عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس (جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) قال : هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه. حدثنا عبيد الله بن موسى عن الأعمش عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس قال : (جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) قال هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه ، حدثنا عبيد الله بن موسى عن الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) قال : آمنوا ببعض وكفروا ببعض اليهود والنصارى.
قال ابن أبي حاتم : وروي عن مجاهد والحسن والضحاك وعكرمة وسعيد بن جبير وغيرهم نحو ذلك ، وقال الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس (جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) قال : السحر ، وقال عكرمة : العضه السحر بلسان قريش تقول للساحرة إنها العاضهة ، وقال مجاهد : عضوه أعضاء ، قالوا سحر ، وقالوا كهانة ، وقالوا أساطير الأولين ، وقال عطاء : قال بعضهم ساحر ، وقالوا مجنون ، وقال كاهن ، فذلك العضين ، وكذا روي عن الضحاك وغيره.
وقال محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة اجتمع إليه نفر من قريش ، وكان ذا شرف فيهم ، وقد حضر الموسم فقال لهم : يا معشر قريش ، إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ، ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ، فقالوا : وأنت يا أبا عبد شمس فقل وأقم لنا رأيا نقول به ، قال : بل أنتم
__________________
(١) أخرجه البخاري في الرقاق باب ٢٦ ، والاعتصام باب ٢ ، ومسلم في الفضائل حديث ١٦.