بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي عزيز الجناب ، فلا يخيب رجاء من توكل عليه ، حكيم في أفعاله وأحكامه ، وقال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا علي بن بشر الصيرفي القزويني في منزلنا ، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسين القنديلي الاستراباذي ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن النعمان الصفار ، حدثنا ميمون بن الحكم ، حدثنا بكر بن الشرود ، عن محمد بن مسلم الطائفي ، عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : قرابة الرحم تقطع ، ومنة النعمة تكفر ، ولم ير مثل تقارب القلوب ، يقول الله تعالى : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) وذلك موجود في الشعر :
إذا بت ذو قربى إليك بزلة |
|
فغشّك واستغنى فليس بذي رحم (١) |
ولكن ذا القربى الذي إن دعوته |
|
أجاب وأن يرمي العدو الذي ترمي |
قال : ومن ذلك قول القائل :
ولقد صحبت الناس ثم سبرتهم |
|
وبلوت ما وصلوا من الأسباب (٢) |
فإذا القرابة لا تقرّب قاطعا |
|
وإذا المودة أقرب الأسباب |
قال البيهقي : لا أدري هذا موصول بكلام ابن عباس أو هو من قول من دونه من الرواة ، وقال أبو إسحاق السبيعي عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، سمعه يقول : (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) الآية ، قال هم المتحابون في الله. وفي رواية نزلت في المتحابين في الله. رواه النسائي والحاكم في مستدركه وقال : صحيح ، وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : إن الرحم لتقطع ، وإن النعمة لتكفر ، وإن الله إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيء ، ثم قرأ (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) رواه الحاكم أيضا.
وقال أبو عمرو الأوزاعي : حدثني عبدة بن أبي لبابة عن مجاهد ، ولقيته فأخذ بيدي فقال: إذا التقى المتحابان في الله فأخذ أحدهما بيد صاحبه وضحك إليه ، تحاتت خطاياهما كما تحات ورق الشجر. قال عبدة : فقلت له : إن هذا ليسير ، فقال : لا تقل ذلك فإن الله يقول (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) قال عبدة : فعرفت أنه أفقه مني (٣).
وقال ابن جرير (٤) : حدثنا أبو كريب ، حدثنا ابن يمان ، عن إبراهيم الجزري عن الوليد بن أبي مغيث ، عن مجاهد ، قال : إذا التقى المسلمان فتصافحا غفر لهما ، قال قلت لمجاهد
__________________
(١) البيتان بلا نسبة في الدر المنثور ٣ / ٣٦١.
(٢) البيتان بلا نسبة في الدر المنثور ٣ / ٣٦١.
(٣) انظر تفسير الطبري ٦ / ٢٨٠ ، ٢٨١.
(٤) تفسير الطبري ٦ / ٢٨٠ ، وفيه : إبراهيم الخوزيّ بدل إبراهيم الجزري.