تعالى في بئر كانوا يقيمون على أصنام حولها يعبدونها فأهلكهم في تلك البئر وأهلك ثمودا وهم قوم صالح ، وعادا وهم قود هود وفرعون موسى وقوم لوط (١) ، (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) أي الشجر الملتف إذ كانوا يعبدون أشجار تلك الأيكة ، (وَقَوْمُ تُبَّعٍ) وهو تبع الحميري اليمني. وقوله تعالى (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) أي كل تلك الأمم التي ذكرنا كذبوا الرسل ولم يؤمنوا بهم ولا بما جاءوهم به من التوحيد والشرع (فَحَقَّ وَعِيدِ) (٢) أي فوجب لذلك عذابهم الذي واعدتهم به على ألسنة رسلي إن لم يؤمنوا فأهلكناهم أجمعين وقومك يا محمد هم موعودون أيضا بالعذاب إن لم يبادروا بالإيمان والطاعة. وقوله تعالى (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ (٣) الْأَوَّلِ) والجواب لا إذ الاستفهام للنفي أي لم يعي الله تعالى بخلق كل ما خلق من الملائكة والإنس والجن فكيف إذا يعيى بالإعادة وهي أهون من البدء والبداية ، وقوله تعالى (بَلْ هُمْ) (٤) (فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي انهم غير منكرين لقدرتنا على الخلق الأول بل هم في لبس أي خلط وشك من خلق جديد لما فيه من مخالفة العادة حيث هم يرون الناس يموتون ولا يحيون.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تعزية الرسول صلىاللهعليهوسلم وتسليته بإعلامه بأن قومه ليسوا أول من كذب الرسل.
٢ ـ تهديد المصرين على التكذيب من كفار قريش بالعذاب إذ ليسوا بأفضل من غيرهم وقد أهلكوا لما كذبوا.
٣ ـ تقرير البعث والجزاء وإثبات عقيدتهما بالأدلة العقلية كبدء الخلق.
٤ ـ ضعف إدراك المنكرين للبعث لظلمة نفوسهم بالشرك والمعاصي.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ
__________________
(١) قوله تعالى : (وَإِخْوانُ لُوطٍ) عبر بالإخوان دون القوم تنويع للأسلوب والمراد بهم قوم لوط ، والأخوة هنا أخوة تلازم ومواطنة وما هي بأخوة دين ولا نسب وأصحاب الأيكة : هم قوم شعيب عليهالسلام.
(٢) أي : صدق وعده فيهم ووجب وقوعه عليهم.
(٣) الاستفهام للإنكار والتغليظ إذ لا يسعهم إلا الاعتراف بأن الله تعالى الذي خلق كل شيء في الأرض والسماء ومن جملة ذلك خلقهم هم المنكرون للبعث فكيف يعجز عن إعادة خلقهم مرة أخرى للجزاء والحساب.
(٤) (بَلْ) للإضراب الإبطالي أي : ما عيينا بالخلق الأول.