(كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) : أي كثير الكفر والجحود لتوحيد الله وللقائه ولرسوله معاند كثير العناد.
(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ) : أي مناع للحقوق والواجبات من المال وغيره.
(الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) : أي أشرك بالله فجعل معه آلهة أخرى يعبدها.
(رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) : أي يقول قرينه من الشياطين يا ربنا ما أطغيته أي ما حملته على الطغيان.
(وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) : أي ولكن الرجل كان في ضلال بعيد عن كل هدى متوغلا في الشرك والشر.
(وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) : أي قدمت إليكم وعيدي بالعذاب في كتبي وعلى لسان رسلي.
(ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) : أي ما يغير القول عندي وهو قوله لأملأن جهنم منكم أجمعين.
(يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ) : أي وما الله بظلام للعبيد يوم يقول لجهنم هل امتلأت.
(وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) : أي لم أمتليء هل من زيادة فيضع الجبار عليها قدمه فتقول قط قط.
معنى الآيات :
ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر مشاهد القيامة وأحوال الناس فيها فقال تعالى (وَقالَ قَرِينُهُ) (١) أي قال قرين (٢) ذلك الكافر الذي جيئ به إلى ساحة فصل القضاء ومعه سائق يسوقه وشهيد يشهد عليه. قال قرينه وهو الملك الموكل به (هذا ما لَدَيَ) أي من أعمال هذا الرجل الذي وكلت بحفظ أعماله وكتابتها (عَتِيدٌ) أي حاضر. وهنا يقال لمن استحق النار (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) وهو خطاب لمن (٣) جاءا به وهما السائق والشهيد (كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ) فهذه خمس صفات قد اجتمعت في شخص واحد فأوبقته الأولى (كَفَّارٍ) أي كثير الكفر الذي هو الجحود لما يجب الإيمان به والتصديق من سائر أركان الإيمان الستة ، والثانية عنيد والعنيد التارك لكل ما وجب عليه المعاند في الحق المعاكس في المعروف وهي شر صفة ، الثالثة مناع للخير أي كثير المنع للخير مالا كان أو غيره لا يبذل معروفا قط ، الرابعة معتد أي على حدود
__________________
(١) الواو واو الحال ، والجملة حالية ، وصاحب الحال تاء الخطاب في قوله تعالى (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) والقرين ، بمعنى مقرون وهو مأخوذ من القرن بفتح القاف والراء وهو الحبل إذ كانوا يقرنون البعير بمثله بحبل سموه القرن.
(٢) اختلف في تحديد القرين على ثلاثة أقوال وما ذكر في التفسير هو أرجحها.
(٣) وجائز أن يكون خطابا لواحد بصيغة التثنية على حد قول الشاعر : قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل.