(فَاتَّبِعْها) : أي الزم الأخذ بها والسير على طريقها فأنها تفضي بك إلى سعادة الدارين.
(وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) : من مشركى العرب ومن ضلال أهل الكتاب.
(إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً) : أي إن أنت تركت ما شرع لك واتبعت ما يقترحون عليك أن تفعله مما يوافق أهواءهم إنك إن اتبعتهم لن يدفعوا عنك من العذاب الدنيوي والآخروى شيئا.
(وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) : أي ينصر بعضهم بعضا فى الدنيا أما فى الآخرة فإنهم لا ينصرون.
(وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ) : أي متوليهم فى أمورهم كلها وناصرهم على أعدائهم.
(هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) : أي هذا القرآن أي أنوار هداية يهتدون به إلى ما يكملهم ويسعدهم ، وهدى ورحمة ، ولكن لأهل اليقين فى إيمانهم فهم الذين يهتدون به ويرحمون عليه أما غير الموقنين فلا يرون هداه ولا يجدون رحمته لأن شكهم وعدم إيقانهم يتعذر معهما أن يعملوا به فى جد وصدق وإخلاص.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم فى طلب هداية قوم النبى صلىاللهعليهوسلم فعرض عليهم حالا شبيهة بحالهم لعلهم يجدون فيها ما يذكرهم ويعظهم فيؤمنوا ويوحدوا قال تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنا بَنِي (١) إِسْرائِيلَ) أي اعطينا بنى إسرائيل وهم أولاد يعقوب الملقب بإسرائيل وهو ابن اسحق بن إبراهيم خليل الرحمن آتيناهم (الْكِتابَ) التوراة (وَالْحُكْمَ) وهو الفقه بأحكام الشرع والإصابة في العمل والحق فيها ثمرة إيمانهم وتقواهم (وَالنُّبُوَّةَ) فجعلنا منهم أنبياء ورسلا كموسى وهارون ويوسف وداود وسليمان وعيسى ، (وَفَضَّلْناهُمْ (٢) عَلَى الْعالَمِينَ) أي على فرعون وقومه من الأقباط ، وعلى من جاور بلادهم من الناس ، وذلك أيام إيمانهم واستقامتهم ، (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ (٣) مِنَ الْأَمْرِ) أمر الدين تحملها التوراة والانجيل (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) الإلهى يحمله القرآن ونبيه فاختلفوا فيما كان عندهم من الأنباء عن نبي آخر الزمان ونعوته وما سيورثه الله وأمته من الكمال الدنيوى والآخروى فحملهم بغى حدث
__________________
(١) ذكر تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم ما أعطى بنى إسرائيل من إفضالات ثم ذكر ما أعطاه هو صلىاللهعليهوسلم ليكون ذلك جاريا على سنته في إكرام من يشاء من عباده فلا يكون ذلك داعيا إلى إنكار المشركين ولا أهل الكتاب نبوة نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم لو كانوا يعقلون.
(٢) بأن جمع الله لهم بين استقامة الدين والخلق وبين حكم أنفسهم بأنفسهم وبين أصول العدل فيهم مع حسن العيش وشمول الأمن والرخاء لهم.
(٣) أي علمناهم حججا وعلوما في أمر دينهم ونظام حياتهم بحيث يكونون على بصيرة في تدبير مجتمعهم وعلى سلامته من الشرور والمفاسد.