(كَفَرْنا بِكُمْ) : أي جحدنا بكم فلم نعترف لكم بقرابة ولا ولاء.
(وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ) : أي ظهر ذلك واضحا جليا لا لبس فيه ولا خفاء.
(حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) : أي ستستمر عداوتنا لكم وبغضنا إلى غاية إيمانكم بالله وحده.
(وَإِلَيْكَ أَنَبْنا) : أي رجعنا في أمورنا كلها.
(رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) : أي بأن تظهرهم علينا فيفتنوننا في ديننا ويفتتنون بنا يرون أنهم على حق لما يغلبوننا.
(لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) : أي لقد كان لكم أيها المؤمنون في إبراهيم والذين معه أسوة حسنة.
(لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) : أي هي أسوة حسنة لمن كان يؤمن بالله ويرجو ما عنده يوم القيامة.
(وَمَنْ يَتَوَلَ) : أي لم يقبل ما أرشدناه إليه من الإيمان والصبر فيعود إلى الكفر.
فإن الله غني حميد : أي فإن الله ليس في حاجة إلى إيمانه وصبره فإنه غنى بذاته لا يفتقر إلى غيره ، حميد أي محمود بآلائه وإنعامه على عباده.
معنى الآيات :
لما حرم تعالى على المؤمنين موالاة الكافرين مع وجود حاجة قد تدعو إلى موالاتهم كما جاء ذلك في اعتذار حاطب بن أبي بلتعة أراد تعالى أن يشجعهم على معاداة الكافرين وعدم موالاتهم بحال من الأحوال لما في ذلك من الضرر والخطر على العقيدة والصلة بالله وهي أعز ما يملك المؤمنون أعلمهم بأنه يوجد لهم (١) أسوة أي قدوة حسنة في إبراهيم خليله والمؤمنين معه (٢) فإنهم على قلتهم وكثرة عدوهم وعلى ضعفهم وقوة خصومهم تبرأوا من أعداء الله وتنكروا لأية صلة تربطهم بهم فقالوا ما قص الله تعالى عنهم في قوله (إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) «من أصنام وأوثان» (كَفَرْنا بِكُمْ) فلم نعترف لكم بوجود يقتضى مودتنا ونصرتنا لكم ، (وَبَدا) أي ظهر (بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) (٣) (الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ) بصورة مكشوفة لا ستار عليها لأننا موحدون وأنتم مشركون ،
__________________
(١) قرأ نافع إسوة بكسر الهمزة ، وقرأها حفص بالرفع وهي القدوة الصالحة.
(٢) هم : سارة زوجه ولوط ابن أخيه فهم المعنيون بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ مَعَهُ).
(٣) العداوة : هي المعاملة بالسوء والاعتداء والبغضاء نفرة النفس والكراهية للمبغض.