ولحقت بدار الكفر فإن العصمة قد انقطعت ، ولا يحل الإمساك بها وفائدة ذلك لو كان تحت الرجل نسوة له أن يزيد رابعة لأن التي ارتدت أو التي كانت مشركة واسلم وهي في عصمته لا تمنعه من أن يتزوج رابعة لأن الإسلام قطع العصمة لقوله تعالى ولا تمسكوا بعصم الكوافر والعصم جمع عصمة.
وقوله تعالى : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ) اطلبوا من المرتدة ما أنفقتم عليها من مهر يؤدى لكم (وَلْيَسْئَلُوا) هم (ما أَنْفَقُوا) وأعطوهم ايضا مهور نسائهم اللائي أسلمن وهاجرن إليكم وقوله تعالى : (ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ) بخلقه وحاجاتهم (حَكِيمٌ) في قضائه وتدبيره فليسلم له الحكم وليرض به فإنه قائم على أساس المصلحة للجميع.
وقوله تعالى (وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا) (١) (الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا) أي وإن ذهب بعض نسائكم إلى الكفار مرتدات ، وطالبتم بالمهور فلم يعطوكم ، ثم غزوتم وغنمتم فأعطوا من الغنيمة قبل قسمتها الذي ذهبت زوجته إلى دار الكفر ولم يحصل على تعويض أعطوه مثل ما أنفق. وقوله : (وَاتَّقُوا (٢) اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) أي خافوا عقابه فأطيعوه في أمره ونهيه ولا تعصوه.
هداية الآيتين :
من هداية الآيتين :
١ ـ وجوب امتحان المهاجرة فإن علم اسلامها لا يحل إرجاعها الى زوجها الكافر لأنها لا تحل له ، واعطاؤه ما أنفق عليها من مهر. ويجوز بعد ذلك نكاحها بمهر وولي وشاهدين إن كانت مدخولا بها فبعد انقضاء عدتها وإلا فلا حرج في الزواج بها فورا.
٢ ـ حرمة نكاح المشركة.
٣ ـ لا يجوز الإبقاء على عصمة الزوجة (٣) المشركة ، وللزوج المسلم الذي بقيت زوجته على الكفر ، أو ارتدت بعد إسلامها أن يطالب بما أنفق عليها من مهر وللزوج الكافر الذي أسلمت زوجته وهاجرت ان يسأل كذلك ما أنفق عليها.
٤ ـ ومن ذهبت زوجته ولم يردّ عليه شيء مما أنفق عليها ، ثم غزا المسلمون تلك البلاد وغنموا
__________________
(١) (عاقبتم) أي : غزوتم فغنمتم فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم من المسلمين. حكى الثعلبي : عن ابن عباس أن ستا من النسوة رجعن عن الإسلام ولحقن بالمشركين وسماهن واحدة واحدة وأكرمهن : أم الحكم بنت أبي سفيان وفي هذه نزلت الآية.
(٢) الجملة تذييلية المراد منها تحريض المؤمنين على الوفاء بما أمروا به ونهوا عنه واتبع اسم الجلالة بجملة (الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ) إشارة إلى أن الإيمان يبعث على التقوى التي هي : امتثال واجتناب.
(٣) اختلف في الرجل يسلم وتحته كافرة أو كافرة تسلم وهي تحت زوج كافر. والذي عليه الشافعي وأحمد أن العصمة تبقى مدة العدة فإذا انقضت العدة ولم يسلم الكافر منهما يفرق بينهما ولا يحلان لبعضهما. وقال مالك : يفرق بينهما من يوم إسلام أحدهما.