(لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) : أي يريد المشركون بكذبهم على الله وتشويه الدعوة الإسلامية ، ومحاربتهم لأهلها يريدون إطفاء نور الله القرآن وما يحويه من نور وهداية بأفواههم وهذا محال فإنّ إطفاء نور الشمس أو القمر أيسر من إطفاء نور لا يريد الله إطفاءه.
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى) : أي أرسل رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم بالهدى أي بالهداية البشرية.
(وَدِينِ الْحَقِ) : أي الإسلام إذ هو الدين الحق الثابت بالوحى الصادق.
(لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) : أي لينصره على سائر الأديان حتى لا يبقى إلا الإسلام دينا.
(وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) : أي ولو كره نصره وظهوره على الأديان المشركون الكافرون.
معنى الآيات :
يقول تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ (١) مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) والحال أنه (يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ) الدين الحق إنه لا أظلم من هذا الإنسان أبدا ، إن ظلمه لا يقارن بظلم هذا معنى قوله تعالى في الآية الأولى (٧) (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ). أي اختلق الكذب على الله عزوجل وقال له كذا وكذا أو قال أو شرع كذا وهو لم يقل ولم يشرع. كما هى حال مشركى قريش نسبوا إليه الولد والشريك وحرموا السوائب والبحائر والحامات وقالوا في عبادة أصنامهم لو شاء الله ما عبدناهم إلى غير ذلك من الكذب والاختلاق على الله عزوجل. وقوله (وَهُوَ يُدْعى إِلَى الْإِسْلامِ) إذ لو كان أيام الجاهلية حيث لا رسول ولا قرآن لهان الأمر أما أن يكذب على الله والنور غامر والوحي ينزل والرسول يدعو ويبين فالأمر أعظم والظلم أظلم.
وقوله تعالى في الآية الثانية (٨) (يُرِيدُونَ (٢) لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ) (٣) أي يريد أولئك الكاذبون على الله القائلون في الرسول : ساحر وفي القرآن إنه سحر مبين إطفاء نور الله الذي هو القرآن وما حواه من عقائد الحق وشرائع الهدى وبأى شيء يريدون إطفاءه إنه بأفواههم وهل نور الله يطفأ بالأفواه كنور شمعة أو مصباح. إن نور الله متى أراد الله إتمامه إطفاء نور القمر أو الشمس أيسر من إطفائه فليعرفوا هذا وليكفوا عن محاولاتهم الفاشلة فإن الله يريد أن يتم (٤) نوره وَلَوْ كَرِهَ
__________________
(١) الاستفهام وإن كان للنفي فهو متضمن الإنكار الشديد على كل من المشركين وأهل الكتابين إذ الجميع افتروا على الله الكذب ، فالمشركون قالوا : الملائكة بنات الله ، واليهود قالوا : عزيز ابن الله ، والنصارى قالوا : عيسى ابن الله.
(٢) استئناف بياني ناشيء عن الاخبار عنهم بأنهم افتروا على الله الكذب في الوقت الذي هم يدعون إلى الإسلام فلما فضحهم القرآن راموا اطفاء نور الله الذي هو كتابه ورسوله ودينه بأفواههم بالكذب والدعاوى الباطلة بل والحروب الشرسة القاسية.
(٣) اللام في (لِيُطْفِؤُا) زائدة لتأكيد الكلام وتقويته إذ الأصل يريدون إطفاء نور الله.
(٤) (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ) قرأ نافع بتنوين الميم من متمم ونصب نوره على المفعولية ، وقرأ حفص بدون تنوين على أن متم مضاف إلى نور ونور مضاف إلى الضمير.