(فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) : أي فبعضكم مؤمن موقن بربه ولقائه وبعضكم كافر جاحد دهرى ، والواقع شاهد.
(وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) : أي صوركم في الأرحام فأحسن صوركم.
(وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) : أي المرجع يوم القيامة.
(وَاللهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) : أي بما في الصدور من الضمائر والسرائر.
معنى الآيات :
قوله تعالى (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي (١) السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) يخبر تعالى معلما عباده بربوبيته الموجبة لعبادته وطاعته وطاعة رسوله بأنه يسبحه جميع خلائقه في الملكوت الأعلى والأسفل وقوله (لَهُ (٢) الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) أي أنه له الملك وهو الملك الحق وأنه له الحمد وهو الثناء الجميل (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي وأنه على فعل كل شيء قدير لا يعجزه شيء (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ) أي وأنه خالق الكل فمن عباده المؤمن به ومنهم الكافر كما هو الواقع. وأنه بما يعمل عباده من خير أو شر من حسنات أو سيئات خبير أي مطلع وسيجزى الكل بأعمالهم حسنها وسيئها ، وأنه (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ (٣) بِالْحَقِ) لا للهو ولا اللعب ولا للعبث بل بالحق وهو أن يذكر ويشكر من عباده وأنه صور العباد في الأرحام فأحسن صورهم وجملها ، فهى أجمل المخلوقات الأرضية على الإطلاق ، وانه إليه لا إلى غيره المرجع يوم القيامة فيحاسب ويجزى وهو الحكم العدل العزيز الحكيم. وانه تعالى (يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من سائر المخلوقات والحوادث والأحداث ، وانه يعلم ما يسر عباده من أعمال وأقوال ونيات ، وما يعلنون من ذلك. وأنه (عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي ما فيها من أسرار وخواطر ونيات وارادات.
أخبر عباده بهذا (٤) ليؤمنوا به ويعبدوه دون غيره فيكملون ويسعدون بعبادته فله الحمد وله المنة وهو الرحمن الرحيم.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تعليم الله تعالى عباده وتعريفهم بجلاله وكماله ليؤمنوا به ويعبدوه ليكملوا ويسعدوا في
__________________
(١) اللام في قوله : (اللهُ) مزيدة لتقوية الكلام إذ فعل سبح يتعدى بنفسه يقال : سبحه : إذا نزهه وقال : (ما فِي السَّماواتِ) ولم يقل : من تغليبا لغير العاقل لكثرته.
(٢) (لَهُ الْمُلْكُ) : تقديم الخبر على المبتدأ هنا للدلالة على الاختصاص فهو تعالى مختص بكل من الملك والحمد.
(٣) الباء في (بِالْحَقِ) للملابسة أي خلقا ملتبسا بالحق بعيدا عن اللهو ، واللعب والباطل.
(٤) في الآيات تقرير البعث وإمكانه بحجج عقلية لا تردها العقول الراجحة والفطر السليمة.