مكة (أَلَمْ يَأْتِكُمْ (١) نَبَأُ) أي خبر (الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ) (٢) كقوم عاد وثمود وأصحاب مدين ، (فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) (٣) أي عقوبة كفرهم التى كانت عقوبة ثقيلة شديدة فأهلكوا فى الدنيا بعذاب إبادى استئصالى ، وفي الآخرة (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٤) وبين لهم سبب ذلك الهلاك والعذاب فقال : (ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ (٥) تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) أي بالحجج والبراهين على أنهم رسل إليهم ، وأنه لا إله إلا الله فلا تصح العبادة لغير الله ، فيقابلونهم بالسخرية والإعراض والاستنكار وهو ما أخبر تعالى به عنهم في قوله : (فَقالُوا أَبَشَرٌ (٦) يَهْدُونَنا) أي كيف يكون بشر مثلكم يهدوننا ، وبذلك (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا) عن الإيمان والإسلام. (وَاسْتَغْنَى اللهُ) عن إيمانهم فأهلكهم لما كفروا به وبرسله. ولم يأسف أو يأس عليهم لعدم حاجته إليهم (وَاللهُ غَنِيٌ) عنهم وعن سائر خلقه (حَمِيدٌ) أي محمود بأفعاله الشاهدة بكماله وجلاله وجماله.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ توبيخ من يستحق التوبيخ وتأنيب من يستحق التأنيب.
٢ ـ التكذيب للرسل والكفر بتوحيد الله موجب للعقوبة في الدنيا والعذاب في الآخرة.
٣ ـ تقرير نبوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإثباتها لأن شأنه شأن الرسل من قبله.
(زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (٧) فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٨) يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)
__________________
(١) الاستفهام تقريري.
(٢) حذف المضاف إليه مع (قَبْلُ) ونوي معناه دون لفظه فلذا بنيت قيل على الضم والتقدير : نبأ الذين كفروا من قبلكم.
(٣) الوبال : السوء ، وما يكره ، والأمر : الشأن والحال.
(٤) أي : في الآخرة لأن العطف يقتضي المغايرة.
(٥) الإشارة عائدة إلى المذكور قبلها وهو الوبال والعذاب الأليم.
(٦) الاستفهام في (أَبَشَرٌ) استفهام إنكاري إبطالي.