(إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) : أي بلاء واختبار لكم فاحذروا أن يصرفوكم عن طاعة الله أو يوقعوكم في معصيته.
(وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) : أي فآثروا ما عنده تعالى على ما عندكم من مال وولد.
(فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) : أي افعلوا ما تقدرون عليه من أوامره ، واجتنبوا نواهيه كلها.
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) : أي ومن يقه الله شح نفسه فيعافيه من البخل والحرص على المال.
(يُضاعِفْهُ لَكُمْ) : أي الدرهم بسبعمائة.
(وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ) : أي يجازى على الطاعة ولا يعاجل بالعقوبة.
معنى الآيات :
هذه الآيات الكريمة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الى قوله (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) نزلت (١) في أناس كان لهم أزواج وأولاد عاقوهم عن الهجرة والجهاد فترة من الوقت فلما تغلبوا عليهم وهاجروا ووجدوا الذين سبقوهم إلى الهجرة قد تعلموا وتفقهوا في الدين فتأسفوا عن تخلفهم فهموا بأزواجهم وأولادهم الذين عاقوهم عن الهجرة فترة طويلة أن يعاقبوهم بنوع من العقاب من تجويع أو ضرب أو تثريب وعتاب فأنزل الله تعالى هذه الآيات (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أي يا أيها المؤمنون (إِنَّ مِنْ (٢) أَزْواجِكُمْ (٣) وَأَوْلادِكُمْ) أي من بعضهم لا كلهم إذ منهم من يساعد على طاعة الله ويكون عونا عليها (عَدُوًّا لَكُمْ) يصرفكم عن طاعة الله والتزود للدار الآخرة ، وقد ينازعونكم في دينكم ودنياكم إذا (فَاحْذَرُوهُمْ) أي كونوا منهم على حذر أن تطيعوهم في التخلف عن فعل الخير من هجرة وجهاد وغيرهما (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا) أي عمن شغلوكم عن طاعة الله فعاقوكم عن الهجرة والجهاد فلم تضربوهم ولم تجوعوهم ولم تثربوا عليهم ولم تعاتبوهم بل تطلبون العذر لما قاموا به نحوكم يكافئكم الله تعالى بمثله فيعفو عنكم ويصفح ويغفر لكم كما عفوتم وصفحتم وغفرتم لأزواجكم وأولادكم الذين أخروا هجرتكم وعطلوكم عن الجهاد في سبيل الله.
__________________
(١) قال القرطبي : قال ابن عباس : نزلت في عوف بن مالك الأشجعي بالمدينة النبوية شكا إلى النبي صلىاللهعليهوسلم جفاء أهله وولده ، وعن عطاء بن يسار قال : نزلت سورة التغابن كلها جملة إلا هؤلاء الآيات (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ.). الخ.
(٢) الآية عامة في الرجال والنساء فكما يكون للرجل من امرأته وولده عدو يكون كذلك للمرأة من زوجها وولدها عدو ، ووجب الحذر على المؤمنين ، ويكون الحذر بوجهين : إما لضرر في البدن وإما لضرر في الدين ، وضرر البدن يتعلق بالدنيا وضرر الدين يتعلق بالآخرة فحذر الله تعالى العبد من ذلك وأنذره به.
(٣) (مِنْ) للتبعيض إذ ما كل من له زوجة وولد كانوا له عدوا.