وقوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو) (١) (سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) أمر تعالى المؤمن إذا طلق أن ينفق على مطلقته التى ترضع له ولده أو التي هى في عدتها في بيته بحسب يساره وإعساره أو غناه وافتقاره ، إذ (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا ما) أعطاها من قدرة أو غنى وطول والقاضى هو الذي يقدر النفقة عند المشاحة وتكون بحسب دخل الرجل وما يملك من مال.
وقوله تعالى : (سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) هذا وعد صدق أتمه لأصحاب رسوله حيث كانوا في عسر ففتح عليهم ملك كسرى والروم فأبدل عسرهم يسرا. وأما غيرهم فمشروط بالتقوى كما تقدم ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين :
١ ـ وجوب السكن والنفقة للمطلقة طلاقا رجعيا.
٢ ـ وجوب السكنى والنفقة للمطلقة الحامل حتى تضع حملها.
٣ ـ وجوب السكنى والنفقة للمتوفى عنها زوجها وهى حامل.
٤ ـ المطلقة البائن والمبتوتة لم يقض لهما رسول الله صلىاللهعليهوسلم بنفقة ولا سكنى لحديث فاطمة (٢) بنت قيس أخت الضحاك ، ومن الفضل الذي ينبغي أن لا ينسى ان كانت محتاجة الى سكن أو نفقة ان يسكنها مطلقها وينفق عليها مدة عدتها. وأجره عظيم لأنه أحسن والله يحب المحسنين.
٥ ـ النفقة الواجبة تكون بحسب حال المطلق غنى وفقرا والقاضى يقدرها ان تشاحا.
٦ ـ المطلقة طلاقا بائنا إن أرضعت ولدها لها أجرة إرضاعها حسب اتفاق الطرفين الأم والأب.
٧ ـ بيان القاعدة العامة وهى أن لا تكلف نفس إلا وسعها.
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩)
__________________
(١) في الآية دليل على وجوب نفقة الولد على والده وأما الأم فلا إلا لضرورة كأن يموت الوالد أو يعجز ، وكانت الأم قادرة فلتنفق وجوبا على طفلها.
(٢) وصف المالكية حديث فاطمة بالغرابة ، وأن عمر رضي الله عنه لم يقل به ، وقال : لا نترك كتاب الله لقول امرأة يعني أن الآية عامة في كل مطلقة لا فرق بين البائن وغيرها ، فالسكنى والنفقة للجميع وهو أرحم وأعظم أجرا والله أعلم.