(طِباقاً) : أي طبقة فوق طبقة وهي السبع الطباق ولا تماس بينها.
(ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) : أي من تباين وعدم تناسب.
(هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) : أي من شقوق أو تصدع.
(كَرَّتَيْنِ) : أي مرتين مرة بعد مرة.
(خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) : أي ذليلا مبعدا كالا تعبا منقطعا عن الرؤية إذ لا يرى خللا.
(بِمَصابِيحَ) : أي بنجوم مضيئة كالمصابيح.
(رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) : أي مراجم جمع مرجم وهو ما يرجم به أي يرمى.
(وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) : أي وهيأنا لهم عذاب النار المسعرة الشديدة الاتقاد.
معنى الآيات :
قوله (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) مجد الرب تعالى نفسه وعظمها وأثنى عليها بما هو أهله من الملك والسلطان والقدرة والعلم والحكمة فقال عزوجل (١) تبارك أي تعاظم وكثر خير الذي بيده الملك الحقيقي يحكم ويتصرف ويدير بعلمه وحكمته لا شريك له في هذا الملك والتدبير والسلطان. (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فما أراد (٢) ممكنا إلا كان ، ولا أراد انعدام ممكن إلا انعدم. (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ (٣) وَالْحَياةَ) لحكمة عالية لا باطلا ولا عبثا كما يتصور الكافرون والملاحدة الدهريون بل (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ (٤) أَحْسَنُ عَمَلاً) أي خلق الحياة بكل ما فيها ، ليذكر ويشكر من عباده فمن ذكر وشكر وأحسن ذلك ، أعد له جنات ينقله إليها بعد نهاية الحياة والعمل فيها ، ومن لم يذكر ولم يشكر أو ذكر وشكر ولم يحسن ذلك بأن لم يخلص فيه لله ، ولم يؤده كما شرع الله أعد له نارا ينقله إليها بعد نهاية الحياة الدنيا حياة العمل ، إذ هذه الحياة للعمل ، وحياة الآخرة للجزاء على العمل. وقوله تعالى (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) ثناء آخر أثنى به تعالى على نفسه فأعلم أنه العزيز الغالب الذي لا يحال بينه وبين ما يريد الغفور العظيم المغفرة إذ يغفر الذنوب للتائب ولو كانت مثل الجبال وزبد البحر. وقوله (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) هذا ثناء آخر بعظيم القدرة وسعة
__________________
(١) القرطبي : تبارك قال الحسن تقدس ، وقيل دام فهو الدائم الذي لا أول لوجوده ولا آخر لدوامه.
(٢) التعبير بالممكن وغير الممكن فيه جواب لمن قال من المبطلين إن كان الله على كل شيء قديرا فهل يقدر أن يخلق الها مثله : والجواب أن خلق إله مثل الله غير ممكن فلذا لا يخلقه سبحانه وتعالى.
(٣) قدم ذكر الموت على الحياة لأن الموت أكبر واعظ للإنسان. قال العلماء الموت ليس عدما محضا ولا فناء صرفا ، وإنما هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ومفارقته ، وحيلولة بينهما وتبديل حال وانتقال من دار إلى دار. والحياة عكس ذلك.
(٤) (لِيَبْلُوَكُمْ) أي ليعاملكم معاملة المختبر لكم فيرى أحسنكم عملا من أسوأه وقد رتب الجزاء على ذلك ، وأحسن العمل أخلصه وأصوبه أي أخلصه لله تعالى وأصوبه أي أداؤه كما شرعه بلا زيادة ولا نقصان.