شرح الكلمات :
(الْحَاقَّةُ) (١) : أي الساعة الواجبة الوقوع وهي القيامة.
(بِالْقارِعَةِ) : أم بالقيامة لأنها تقرع القلوب بالخوف والهول.
(فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) : أي بطغيانهم وعتوهم عن أمر ربهم فأخذتهم صيحة طاغية أيضا.
(بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) : أي ذات صوت لشدة عصوفها عاتية على خزانها في الهبوب.
(حُسُوماً) : أي متتابعات الهبوب بلا فاصل كتتابع الكي القاطع للداء.
(كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) : أي أصول نخل ساقطة فارغة ليس في جوفها شيء.
(وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ) : أي أهلها وهي قرى لوط بالفعلات ذات الخطأ.
(أَخْذَةً رابِيَةً) : أي زائدة في الشدة على غيرها.
(لَمَّا طَغَى الْماءُ) : أي علا فوق كل شيء من الجبال وغيرها.
(حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ) : أي السفينة التي صنعها نوح ونجا بها هو ومن معه من المؤمنين.
(وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) : أي وتحفظها أذن واعية أي حافظة لما تسمع.
معنى الآيات :
قوله تعالى (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) (٢) أي أي شيء هي (٣)؟ (وَما أَدْراكَ (٤) مَا الْحَاقَّةُ) أي أي شيء أعلمك بها ، والمراد بها القيامة لأنها حاقة المجيى واجبته لا محالة. وقوله تعالى (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ (٥) بِالْقارِعَةِ) أي كذبت ثمود قوم صالح وعاد قوم هود بالقارعة أي بالقيامة. فهم ككفار قريش مكذبون بالبعث والجزاء. (فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) أي بطغيانهم وعتوهم عن أمر ربهم
__________________
(١) هو اسم للسورة. روى أحمد أن عمر رضي الله عنه قال خرجت يوما بمكة أتعرض لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل أن أسلم فوجدته قد سبقني إلى المسجد الحرام فوقفت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن فقلت هذا والله شاعر (أي في خاطري) فقرأ (وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون) قلت : في خاطري كاهن. فقرأ (ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين) إلى آخر السورة فوقع في قلبي كل موقع. وسماها بعضهم (السلسلة) وبعضهم (الداعية).
(٢) الحاقة اسم فاعل من حق الشيء فهو حاق إذا ثبت وقوعه ، والظاهر أنها وصف لموصوف محذوف أي الساعة الحاقة أو الواقعة الحاقة ، وما في التفسير واضح وأولى.
(٣) ما اسم استفهام مستعمل في التهويل والتعظيم والمعنى الحاقة أمر عظيم لا يدرك كنهه والحاقة مبتدأ وما مبتدأ ثان والحاقة خبر المبتدأ الثاني والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر المبتدأ الأول وجملة وما أدراك ما الحاقة معترضة بين جملة الحاقة وكذبت ثمود.
(٤) روي عن ابن عباس وسفيان بن عيينة. كل ما ورد في القرآن بلفظ وما أدراك بصيغة الماضي فقد أدراه أي أعلمه به ، وكل ما ورد بصيغة المضارع وما يدريك فقد طوى عنه ولم يعلمه به فالأول (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) والثاني (وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) ..
(٥) كذبت ثمود كلام مستأنف بين فيه من كذبوا بالحاقة وهي الفارقة وسميت بالقارعة من قولهم (قوارع الدهر) أي أهواله وشدائده فهي تقرع القلوب.