(وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَ) : أي في الجنة رأيت نعيما لا يوصف وملكا واسعا لا يقدر.
(ثِيابُ سُندُسٍ) : أي حرير.
(وَإِسْتَبْرَقٌ) : أي ما غلظ من الديباج.
(وَحُلُّوا) : أي تحليهم الملائكة بها.
(شَراباً طَهُوراً) : أي فائقا على النوعين السابقين ولذا أسند سقيه إلى الله عزوجل.
(إِنَّ هذا) : أي النعيم.
(مَشْكُوراً) : أي مرضيا مقبولا.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في ذكر ما أعد الله تعالى للأبرار من عباده المؤمنين المتقين فقال تعالى (١) (مُتَّكِئِينَ) في الجنة (عَلَى الْأَرائِكِ) (٢) التي هي الأسرة بالحجال (لا يَرَوْنَ فِيها) أي في الجنة (شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) إن كان المراد بالشمس الكوكب المعروف فالزمهرير القمر ، فلا شمس في الجنة ولا قمر وإن كان المراد بالشمس الحر فالزمهرير البرد وليس في الجنة حر ولا برد وكلا المعنيين مراد وواقع فلا شمس في الجنة ولا قمر لعدم الحاجة إليهما ولا حر ولا برد كذلك. (وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها) أي قريبة منهم أشجارها فهي تظللهم ويجدون فيها لذة التظليل وراحته ومتعته وإن لم يكن هناك شمس تستلزم الظل. (وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) أي ما يقطف من ثمار أشجارها مذلل لهم بحيث يناله القائم والقاعد والمضطجع فلا شوك به ولا بعد فيه سهل التناول لأن الدار دار نعيم وسعادة وراحة وروح وريحان (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ) أي يطوف عليهم الخدم الوصفاء بآنية من فضة ومن ذهب (وَأَكْوابٍ) أي أقداح لا عرى لها كانت بفضل الله واكرامه (قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) يرى باطنها من ظاهرها لصفائها مادتها فضة وصفاؤها صفاء الزجاج ولذا سميت قارورة وجمعت على قوارير. (قَدَّرُوها تَقْدِيراً) أي قدرها الخدم الطائفون عليهم بحيث لا تزيد فتفيض (٣) ولا تنقص فلا يجمل منظرها. وقوله (وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً) أي خمرا (كانَ مِزاجُها) أي ما تمزج به (زَنْجَبِيلاً) من عين في الجنة (تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) (٤). وقوله
__________________
(١) (مُتَّكِئِينَ) منصوب على الحال وصاحب الحال الضمير في وجزاهم.
(٢) الأريكة السرير بالحجلة والحجلة كله تنصب على السرير لتقي الحر والشمس ولا يقال في السرير أريكة ما لم يكن بالحجال كما لا يقال للسجل سجلا ما لم تكن الدنو ملأى ولا الذنوب ذنوبا ما لم يكن ملأى ، ولا يقال للكأس كأس ما لم تكن ملأى بالخمر ولا يقال مهدي للطبق ما لم تكن عليه الهدية.
(٣) التقدير لكل من أحجامها والمشروب الذي بها.
(٤) يقال شراب سلس وسلسال وسلسل وسلسبيل ما كان في غاية السلاسة.