وكالجمل في هيئتها ولونها والجمل الأصفر الأسود الذي يميل إلى صفرة.
(هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) : أي فيه بشيء.
(وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ) : أي في العذر.
(جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ) : أي من المكذبين قبلكم.
(فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ) : أي حيلة في دفع العذاب فاحتالوا لدفع العذاب عنكم.
معنى الآيات :
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي عليها مدار الحياة كلها قوله تعالى (انْطَلِقُوا) (١) هذا يقال للمكذبين يوم القيامة وهم في عرصاتها يقال لهم تقريعا وتبكيتا (انْطَلِقُوا إِلى (٢) ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) وهو عذاب الآخرة ويتهكم بهم ويسخرون منهم فيقولون (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) وهو دخان النار إذا ارتفع يتشعب إلى ثلاث شعب وذلك لعظمته (لا ظَلِيلٍ) أي ليس هو ظلا حقيقيا كظل لشجرة والجدار فيكن ويستر (وَلا يُغْنِي (٣) مِنَ اللهَبِ) فيدفع الحر وقال تعالى في وصفها (إِنَّها) أي النار (تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ) الشررة الواحدة كالقصر في كبره وارتفاعه (كَأَنَّهُ) أي الشرر جمالة صفراء (٤) أي الشررة كالجمل الأصفر وهو الأسود المائل إلى الصفرة. ثم قال تعالى (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) يتوعد المكذبين به وبآياته ولقائه ورسوله صلىاللهعليهوسلم وقوله تعالى (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) أي هذا يوم القيامة يوم لا ينطقون أي فيه بشيء (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ) أي في الاعتذار فهم يعتذرون لا اعتذار ولا إذن به. ولطول يوم القيامة وتجدد الأحداث فيه يخبر القرآن مرة باعتذارهم وكلامهم في موطن ، وينفيه في آخر ، إذ هو ذاك الواقع في مواطن يتكلمون بل ويحلفون كاذبين وفى مواطن يغلب عليهم الخوف والحزن فلا يتكلمون بشيء وفي مواطن يطلب منهم أن يتكلموا فيتكلموا وفي أخرى لا ، (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) وعيد لكل المكذبين بهذا وبغيره وقوله تعالى (هذا يَوْمُ (٥) الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ (٦) وَالْأَوَّلِينَ) أي يقال لهم يوم القيامة وهم
__________________
(١) هذا الخطاب للمكذبين في يوم الفصل وهو مقول قول محذوف دل عليه صيغة الخطاب ولذا قلت في التفسير هذا يقال للمكذبين.
(٢) وأعيد لفظ انطلقوا على طريقة التكرير قصد التوبيخ والإهانة.
(٣) الاغناء جعل الغير غنيا أي غير محتاج في ذلك الغرض وعدي الفعل بمن هنا على معنى البدلية أو لتضمينه معنى يبعد.
(٤) قرأ نافع جمالات جمع جمالة بكسر الجيم وقرأ حفص (جِمالَتٌ) بالإفراد والجمالة اسم جمع لطائفة من الجمال أي الشررة الواحدة في عظمها كأنها جمالة صفر ، والصفرة لون الشرر والصفر جمع أصفر كحمر جمع أحمر.
(٥) تكرير لتوبيخهم ، والإشارة في هذا إلى المشهد الذي يشاهدونه في يوم فصل القضاء الذي كانوا ينكرونه ويكذبون به.
(٦) هذا كقوله تعالى (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) والمخاطبون في قوله جمعناكم المشركون المكذبون بيوم الفصل.