يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) من خير أو شر لأنه أيقن انه محاسب ومجزي بعمله. (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) أي أبرزها فظهرت لمن يراها لا يخفيها شيء. والناس بعد ذلك مؤمن وكافر والطريق طريقان طريق جنة وطريق نار. (فَأَمَّا مَنْ طَغى) أي عتا عن أمر ربه فعصاه ولم يطعه بأداء فرائضه واجتناب نواهيه. (وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا) على الآخرة فعمل للدنيا وصرف كل جهده وطاقته لها ، ولم يعمل للآخرة فما صام ولا صلى ولا تصدق ولا زكى (فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى) أي مأواه ومستقره ومثواه شرابه الحميم وطعامه الزقوم (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ) وهو الوقوف بين يديه لمساءلته ومجازاته فأدى الفرائض واجتنب النواهي ، (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) أي نفسه عن هواها فلم يجبها في هوى يبغضه الله ولم يطعها في شيء حرمه الله (فَإِنَّ الْجَنَّةَ) دار السلام والأبرار والمتقين الأخيار هي مأواه ولنعم المأوى هي حيث العيون الجارية والسرر المرفوعة والأكواب الموضوعة والنمارق المصفوفة والزرابي المبثوثة والكواعب العرب الأتراب ولقاء الأحباب (١). وقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) أي يسألك يا رسولنا المنكرون للبعث عن الساعة أي قيامها ومتى رسوها وثبوتها وهي كالسفينة سائرة ليل نهار متى ترسو؟ (فِيمَ) (٢) أي في أي شيء (أَنْتَ مِنْ ذِكْراها) أي ليس عندك علمها فتذكرها لهم (إِلى رَبِّكَ) وحده علم وقت مجيئها وساعة رسوها لتنقل الناس من دنياهم إلى آخرتهم ، وبذلك تنتهي رحلتهم ويستقر قرارهم. وينتهي ليلهم ونهارهم. وقوله تعالى (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) أي ليس إليك يا رسولنا علمها ولا منتهى أمر ما إنما أنت مهمتك غير ما يطلب منك إنها انذار من يخشى الساعة ويخاف حلولها لإيمانه بها وبما يكون فيها من تعيم وجحيم أما من لا يؤمن بها فهو لا يخافها وسؤاله عنها سؤال استهزاء ، فلا تحفل بهم ولا تهتم لهم فإنهم يوم يرونها كأن لم يلبثوا في دنياهم هذه وقبورهم (إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) أي عشية يوم أو ضحى تلك العشية لما يستقبلون من أهوال الموقف وفظائع العذاب.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحوالها وصفاتها.
٢ ـ الناس يوم القيامة مؤمن تقي في الجنة ، وكافر وفاجر في النار.
٣ ـ بيان استئثار الله تعالى بعلم الغيب والساعة.
٤ ـ بيان أي الشدائد ينسى بعضها بعضا فإن عذاب القبر يهون أمام عذاب النار.
__________________
(١) كل ما ذكر من قولنا العيون إلى لقاء الأحباب هو من القرآن. يروى أن بلالا وهو في سياقة الموت يغمى عليه فإذا أفاق ووجد امرأته تبكي : يقول لها لا تبكي : غدا ألقى الأحبه محمدا وصحبه.
(٢) اسم استفهام أريد به الإنكار مشوبا بالتعجب من إلحاح المشركين على الرسول صلىاللهعليهوسلم أن يعين لهم وقتها.