(وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ) : أي نزعت من أماكنها كما ينزع الجلد عن الشاة.
(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ) : أي النار أججت.
(وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) : أي قربت لأهلها ليدخلوها.
(عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) : أي كل نفس وقت هذه المذكورات ما أحضرت من خير وشر.
معنى الآيات :
قوله تعالى (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إلى قوله علمت نفس ما أحضرت اشتمل على اثنى عشر حدثا جللا ، ستة أحداث منها في الدنيا وستة في الآخرة وكلها معتبرة شرطا لجواب واحد وهو قوله تعالى (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) أي من خير وشر لتجزي به والسياق كله في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي انكرها العرب المشركون وبالغوا في إنكارها مبالغة شديدة وكونها عليها مدار إصلاح الفرد والجماعة وأنه بدونها لا يتم إصلاح ولا تهذيب ولا تطهير عني القرآن بها عناية فائقة ويدل لذلك أن فواتح سور والصافات والذاريات والطور والمرسلات والنازعات والتكوير والانفطار والانشقاق والبروج والفجر كل هذه بما فيها من إقسامات عظيمة هي لتقرير عقيدة البعث والجزاء.
وهذه الأحداث الستة التي تقع في الدنيا وهي مبادىء الآخرة :
١) تكوير (١) الشمس بلفها وذهاب ضوئها.
٢) انكدار (٢) النجوم بانقضائها وسقوطها على الأرض.
٣) تسيير الجبال بذهابها عن وجه الأرض واستحالتها إلى هباء يتطاير.
٤) تعطيل العشار (٣) وهي النوق الحوامل فلا تحلب ولا تركب ولا ترعى لما أصاب أهلها من الهول والفزع وكانت أفضل أموالهم وأحبها إلى نفوسهم.
٥) حشر الوحوش وموتها وهي دواب البر قاطبة.
٦) تسجير (٤) البحار باشتعالها نارا.
وهذه الأحداث الستة التي تقع في الآخرة :
__________________
(١) قال أبو عبيدة : كورت مثل تكوير العمامة فتلف وقال الربيع كورت ورمي بها.
(٢) انكدرت تهافتت وتناثرت ، وقال أبو عبيدة انصبت كما ينصب العقاب إذا انكسر قال العجاج يصف صقرا :
أبصر خربان فضاء فانكدر |
|
تقضي الباز إذا البازي كسر |
(٣) العشار واحدها عشراء وهي التي مضى على حملها عشرة أشهر ثم لا يزال اسمها كذلك حتى تضع.
(٤) أو جائز أن يكون تسجير البحار فيضانها بتجاوز مياهها معدل سطوحها ، وجائز أن تشتعل فيها النار فتحترق ، وظاهرة وجود البترول تحت سطحها تدل على أنها تحترق وتسجر كما يسجر التنور.