(وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) : أي لا لغيره ، ولا تنفع الشفاعة عنده إلا بإذنه.
معنى الآيات :
تقدم أن العرض على الله حق وان المجازاة تكون بحسب الأعمال التي عملها المرء ، وأنها محفوظة محصاة عليه بواسطة ملائكة كرام. وأن الناس يومئذ كما هم اليوم مؤمن بار وكافر فاجر. بين تعالى جزاء الكل مقرونا بعلة الحكم فقال عزوجل (إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي (١) نَعِيمٍ) أي في الجنة دار السلام وذلك لبرورهم وهو طاعتهم لله في صدق كامل (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ) أي نار ذات جحيم وذلك لفجورهم وهو كفرهم وخروجهم عن طاعة ربهم. وقوله (يَصْلَوْنَها) (٢) أي يدخلونها ويقاسون حرها (يَوْمَ الدِّينِ) أي يوم الجزاء الذي كفروا به فأدى بهم إلى الفجور وارتكاب عظائم الذنوب. وقوله (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) (٣) أي إذا دخلوها لا يخرجون منها. وقوله (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) أي وما يعلمك يا رسولنا ما يوم الدين إنه يوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين هكذا يخبر تعالى عن عظم شأن هذا اليوم. ويؤكد ذلك فيقول (ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) ويكشف عن بعض جوانب الخطورة بقوله (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) من المنفعة حيث يكون الأمر كله فيه لله وحده ولا تنفع فيه الشفاعة إلا بإذنه وما للظالمين فيه من شفيع ولا حميم.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان حكم الله في أهل الموقف إذ هم ما بين بار صادق فهو في نعيم وفاجر كافر فهو في جحيم.
٢ ـ بيان عظم شأن يوم الدين وأنه يوم عظيم.
٣ ـ بيان أن الناس في يوم الدين لا تنفعهم شفاعة ولا خلة إذ لا يشفع أحد إلا بإذن الله والكافرون هم الظالمون ، وما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع.
__________________
(١) الجملة مستأنفة استئنافا بيانيا ، إذ تقدم من الكلام ما يجعل المرء يتشوق إلى معرفة مصير الناس يوم القيامة والأبرار جمع بر وهو التقي المطيع الصادق والنعيم اسم لما ينعم به.
(٢) (يَصْلَوْنَها) قال القرطبي يصيبهم حرها ولهيبها وهذا قطعا بعد دخولها.
(٣) كونهم لا يغيبون عنها دال على أن الفجار هم المشركون والكافرون إذ المؤمنون لا يخلدون في النار.