بما فيه من الأمان لصاحبه من النار والفوز بالجنة. وقوله تعالى (إِنَّ الْأَبْرارَ) (١) وأصحاب الكتب المودعة في عليين (لَفِي نَعِيمٍ) يريد يوم القيامة والنعيم هو نعيم الجنة وهذا لون منه (عَلَى الْأَرائِكِ) أي الأسرة ذات الحجال (يَنْظُرُونَ) إنهم جالسون على الأرائك ينظرون (٢) باستحسان وإعجاب ملكهم الكبير الذي ملكهم الله تعالى وقد يمتد مسافة ألفي سنة وينتهي إليه بصرهم (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) أي حسنه وبريقه وتلألؤه وقوله (يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ) أي من خمر هي الرحيق صافية لا دنس فيها ولا غش مختوم على أوانيها لا يفكها إلا هم. (خِتامُهُ مِسْكٌ) آخر هذا الشراب (٣) يفوح برائحة المسك الأذفر فهي طيبة الرائحة للغاية. وقوله تعالى (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ (٤) الْمُتَنافِسُونَ) أي وفي مثل هذا النعيم لا في غيره من حطام الدنيا وشرابها وملكها الزائل يجب أن يتنافس المتنافسون أي في طلبه بالإيمان وصالح الأعمال بعد البعد كل البعد عن الشرك وسيئي الأقوال وقبيح الأفعال. وقوله تعالى (وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ ، عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ) أي إن ذلك الرحيق يمزج لأصحاب اليمين بماء عين تسمى التسنيم ويشربه المقربون صرفا أي خالصا بدون مزج من عين التسنيم وقوله (يَشْرَبُ بِهَا) الباء بمعنى من أو ضمن يشرب معنى يلتذ أي يلتذ بها وقد سبق في سورة الإنسان وقلت إنها لطيب شرابها تكاد تكون آلة للشرب فتكون الباء للآلة على بابها نحو شربت بالكأس.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ الثناء على الأبرار وبيان ما أعد الله تعالى لهم وهم المؤمنون المتقون الصادقون في ذلك.
٢ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر ما يجري فيها.
٣ ـ الترغيب في العمل الصالح للحصول على نعيم الجنة لقوله تعالى (وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ).
__________________
(١) (الْأَبْرارَ) جمع برهم أهل الطاعة والصدق فيها.
(٢) وقيل ينظرون إلى أعدائهم في النار وهم على أرائكهم ولا عجب لما ظهر اليوم من آلة التلفاز.
(٣) الرحيق هي الخمر العتيقة البيضاء الصافية من الغش ، النيرة قال حسان :
يسقون من ورد البريص عليهم |
|
بردى يصفق بالرحيق السلسل |
والبريص نهر بدمشق وبردى نهر آخر بها ويصفه يخرج والرحيق الخمر البيضاء.
(٤) يقال نفست عليه الشيء أنفسه نفاسة أي ضننت به ولم أحب أن يصير إليه وذلك لحسنه وجودته وتعلق النفس به.