(طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) : أي حالا بعد حال الموت ، ثم الحياة ، ثم ما بعدها من أحوال القيامة.
(فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) : أي أي مانع لهم من الإيمان بالله ورسوله ولقاء ربهم والحجج كثيرة تتلى عليهم.
(وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ) : أي تلي عليهم وسمعوه.
(لا يَسْجُدُونَ) : أي لا يخضعون فيؤمنوا ويسلموا.
(بِما يُوعُونَ) : أي يجمعون في صحفهم من الكفر والتكذيب.
(لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) : أي غير مقطوع.
معنى الآيات :
قوله تعالى (فَلا أُقْسِمُ) أي فليس الأمر كما تدعون من أنه لا بعث ولا جزاء أقسم (بِالشَّفَقِ) وهي (١) حمرة الأفق بعد غروب الشمس (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) أي وما جمع من كل ذي روح من سابح في الماء وطائر في السماء وسارح في الغبراء (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) أي اجتمع وتم نوره وذلك في الليالي البيض. وجواب القسم قوله تعالى (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أي حالا بعد (٢) حال الموت ثم الحياة ، ثم العرض ، ثم الحساب ، ثم الجزاء فهي أحوال وأهوال فليس الأمر كما تتصورون من أنه موت ولا غير. وقوله تعالى (٣) (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ) أي ما للناس لا يؤمنون أي شيء منعهم من الإيمان بالله ورسوله والدار الآخرة مع كثرة الآيات وقوة الحجج وسطوع البراهين. وما لهم أيضا إذا تلي عليهم القرآن وسمعوه لا يخضعون ولا يخشعون ولا يخرون ساجدين مع ما يحمل من أنواع الحجج والبراهين وقوله تعالى (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي بدل أن يؤمنوا ويسلموا (يُكَذِّبُونَ (٤) وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) في قلوبهم من الكفر والتكذيب وفي نفوسهم من الحسد والكبر والغل والبغض وبناء على ذلك (فَبَشِّرْهُمْ) (٥) يا رسولنا أي أخبرهم بما يسوءهم (بِعَذابٍ أَلِيمٍ) عاجلا وآجلا (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) (٦) أي منهم آمنوا بالله ورسوله وآيات الله ولقائه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) فأدوا الفرائض واجتنبوا
__________________
(١) أكثر أهل العلم على أن الشفق الحمرة بعد غروب الشمس قال الفراء سمعت بعض العرب يقول لثوب عليه مصبوغ كأنه الشفق وكان أحمر. وقال الشاعر : وأحمر اللون كمحمر الشفق.
(٢) من شواهد هذه الحقيقة قول الشاعر :
كذلك المرء إن ينسأ له أجل |
|
يركب على طبق من بعده طبق |
(٣) الاستفهام للإنكار عليهم والتعجب من حالهم في ترك الإيمان.
(٤) (يُكَذِّبُونَ) صيغة المضارع تدل على استمرار تكذيبهم والصلة هي الكفر. فلو آمنوا ما كذبوا ولكفرهم يكذبون رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما جاء به وأخبر عنه.
(٥) (فَبَشِّرْهُمْ) الفاء للتفريع والترتيب والبشارة هنا للتهكم بهم.
(٦) الاستثناء منقطع بمعنى لكن الذين آمنوا ، الخ.