شرح الكلمات :
(أَلَمْ) : الاستفهام للتقرير أي إن الله تعالى يقرر رسوله بنعمه عليه.
(نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) : أي بالنبوة ، وبشقه وتطهيره وملئه إيمانا وحكمة.
(وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) : أي حططنا عنك ما سلف من تبعات أيام الجاهلية قبل نبوتك.
(الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ) : أي الذي أثقل ظهرك حيث كان يشعر صلىاللهعليهوسلم بثقل السنين التي عاشها قبل النبوة لم يعبد فيها الله تعالى بفعل محابه وترك مكارهه لعدم علمه بذلك.
(وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) : أي أعليناه فأصبحت تذكر معي في الآذان والإقامة والتشهد.
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) : أي مع الشدة سهولة.
(فَإِذا فَرَغْتَ) : أي من الصلاة.
(فَانْصَبْ) : أي اتعب في الدعاء.
(وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ) : أي فاضرع إليه راغبا فيما عنده من الخيرات والبركات.
معنى الآيات :
قوله تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) (١) هذه ثلاث منن أخرى بعد المنن الثلاث التي جاءت في السورة قبلها منها الله تعالى على رسوله بتقريره بها فالأولى بشرح صدره ليتسع (٢) للوحي ولما سيلقاه من قومه من سيء القول وباطل الكلام الذي يضيق به الإنسان والثانية وضع الوزر عنه فإنه صلىاللهعليهوسلم وإن لم يكن له وزر حقيقة فإنه كان يشعر بحمل ثقيل من جراء ترك العبادة والتقرب إلى الله تعالى في وقت ما قبل النبوة ونزول الوحي عليه إذ عاش عمرا أربعين سنة لم يعرف فيها عبادة ولا طاعة لله ، أما مقارفة الخطايا فقد كان محفوظا بحفظ الله تعالى له فلم يسجد لصنم ولم يشرب خمرا ولم يقل أو يفعل إثما قط. فقد شق صدره وهو طفل في الرابعة من عمره وأخرجت منه العلقة التي هي محطة الشيطان التي ينزل بها من صدر الإنسان ويوسوس بالشر للإنسان والثالثة رفع الذكر أي ذكره صلىاللهعليهوسلم إذ قرن اسمه باسمه تعالى في التشهد وفي الأذان والإقامة وذلك الدهر كله وما بقيت الحياة. وقوله تعالى (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ
__________________
(١) (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ) قال مجاهد يعني التأذين ، وفيه يقول حسان بن ثابت :
أغر عليه للنبوة خاتم |
|
من الله مشهود يلوح ويشهد |
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه |
|
إذا قال المؤذن في الخمس أشهد |
وشق له من اسمه ليجله |
|
فذو العرش محمود وهذا محمد |
(٢) في الصحيح عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن رجل من قومه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال فبينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ سمعت قائلا يقول أحد الثلاثة إذ كان معه حمزة وابن عمه جعفر فأتيت بطست من ذهب فيها ماء زمزم فشرح صدري إلى كذا وكذا. قال فاستخرج قلبي فغسل قلبي بماء زمزم ثم أعيد مكانه ثم حشي إيمانا وحكمة.