(إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) : أي هو أبو جهل.
(لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) : أي من أذية رسولنا محمد صلىاللهعليهوسلم ومنعه من الصلاة خلف المقام.
(لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ) : أي لنأخذن بناصيته ونسحبه إلى نار جهنم.
(فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) : أي رجال مجلسه ومنتداه.
(سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ) : أي خزان جهنم.
(كَلَّا) : أي ارتدع أيها الكاذب الكافر.
(وَاقْتَرِبْ) : أي منه تعالى وذلك بطاعته.
معنى الآيات :
قوله تعالى (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان قبل أن يهذبه الإيمان والمعارف الإلهية المشتملة على معرفة محاب الله تعالى ، ومساخطه أنه إذا رأى نفسه قد استغنى بماله أو ولده أو سلطانه أو بالكل وما أصبح في حاجة إلى غيره يطغى فيتجاوز حد الآداب والعدل والحق والعرف فيتكبر ويظلم ويمنع الحقوق ويحتقر الضعفاء ويسخر بغيره. وأبو جهل كان مضرب المثل في هذا الوصف وصف الطغيان حتى قيل إنه فرعون هذه الأمة ، وها هو ذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم يصلي في المسجد الحرام خلف المقام فيأتيه هذا الطاغية ويهدده ويقول له لقد نهيتك عن الصلاة هنا فلا تعد ، ويقول له إن وجدتك مرة أخرى آخذ بناصيتك وأسحبك على الأرض فينزل الله تعالى هذه الآيات (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) فيقف برسوله على حقيقة ما كان يعلمها وهي أن ما يجده من أبي جهل وأضرابه من طغاة قريش علته كذا وكذا ويسليه فيقول له وإن طغوا وتجبروا إن مرجعهم إلينا وسوف ننتقم لك منهم (إِنَّ إِلى رَبِّكَ) يا رسولنا (الرُّجْعى) إذا فاصبر على أذاهم وانتظر ما سيحل بهم إن مصيرهم إلينا لا إلى غيرنا وسوف ننتقم منهم ثم يقول له قولا يحمل العقلاء على التعجب من سلوك أبي جهل الشائن مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى عَبْداً إِذا صَلَّى)؟ وهل الذي يصلي ينهى عن الصلاة وهل الصلاة جريمة وهل في الصلاة ضرر على أحد؟ فكيف ينهى عنها؟ ويقول له (أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ) أي المصلي الذي نهي عن الصلاة وهو الرسول نفسه صلىاللهعليهوسلم