من رزق وأجل وغيرهما إلى بداية السنة الآتية وذلك كل سنة وهذا كقوله (إِنَّا أَنْزَلْناهُ (١) فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ). إذ ما قضاه الله تعالى وحكم بوجوده قد كتب في اللوح المحفوظ ومنه القرآن الكريم ثم (فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) تؤخذ نسخة من أحداث السنة فتعطى الملائكة وتنفذ حرفيا في تلك السنة ، ولذلك كان لليلة القدر بمعنى التقدير شأن عظيم ففضلها الله على ألف شهر وأخبر عن سبب فضلها أن الملائكة تتنزل فيها وجبريل معهم بإذن ربهم أي ينزلون بإذن الله تعالى لهم وأمره إياهم بالنزول ينزلون مصحوبين بكل أمر قضاه الله وحكم به في تلك السنة من خير وشر من رزق وأجل ولفضل هذه الليلة كانت العبادة فيها تفضل غيرها من نوعها بأضعاف مضاعفة إذ عمل تلك الليلة يحسب لصاحبه عمل ألف ليلة أي ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر. هذا ما دل عليه قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَما أَدْراكَ (٢) ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (٣) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) وقوله (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) أي هي سلام من كل شر إذ هي كلها خير من غروب الشمس إلى طلوع فجرها إنها كلها سلام سلام الملائكة على العابدين من المؤمنين والمؤمنات وسلامة من كل شر. والحمد لله الذي جعلنا من أهلها.
هداية الآيات
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير الوحي وإثبات النبوة المحمدية
٢ ـ تقرير عقيدة القضاء والقدر.
٣ ـ فضل ليلة القدر وفضل العبادة فيها (٤).
٤ ـ بيان أن القرآن نزل في رمضان جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وأنه ابتدىء نزوله على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في رمضان أيضا.
٥ ـ الندب (٥) إلى طلب ليلة القدر للفوز بفضلها وذلك في العشر الأواخر من شهر رمضان وأرجى
__________________
(١) فاتحة سورة الدخان.
(٢) الاستفهام للتفخيم من شأن ليلة القدر أي أي شيء يعرفك ما هي ليلة القدر ذات الشأن العظيم وإظهار لفظ ليلة القدر بعد وما أدراك ما ليلة القدر دال على الاهتمام بها كقول عدي :
لا أرى الموت يسبق الموت شيء |
|
نغص الموت ذا الغني والفقير |
(٣) لحديث مالك في الموطأ سمعت من أثق فيه يقول : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرى أعمار الأمم قبله فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر وجعلها خيرا من ألف شهر.
(٤) حديث الصحيحين : من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه.
(٥) أرجح الأقوال في ليلة القدر أنها في الوتر من العشر الأواخر من كل عام لحديث الصحيح التمسوها في الوتر من العشر الأواخر وان من صلى العشاء ليلتها في الجماعة ينال فضلها لما قاله مالك في الموطأ وهو قول سعيد بن المسيب (من شهد العشاء من ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها ومثله لا يدرك بالرأي.