معنى الآيات :
قوله تعالى (الْقارِعَةُ) (١) إلى آخر السورة الكريمة تضمنت آياتها الإحدى عشرة آية وصفا لعقيدة البعث والجزاء التي كذب بها المشركون وأنكروها وبالغوا في انكارها فأخبر تعالى أن القيامة التي تقرع الناس بأهوالها وعظائم ما يجري فيها بحيث (يَكُونُ النَّاسُ) وهم أشرف الكائنات الأرضية يكونون في خفة أحلامهم وحيرة عقولهم (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) وهو غوغاء الجارد وتجمعه وتراكمه وانتشاره وهو يموج بعضه فوق بعض. (وَتَكُونُ الْجِبالُ) على رسوها وعلوها وضخامة ذواتها (كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) أي كالصوف المندوف بالمنداف وهو يتطاير هنا وهناك. هذا في أول الأمر وقد تكون كالرمل المتهيل. ثم كالهباء المنبث فإذا بعثوا ووقفوا بين يدي ربهم لحسابهم ومجازاتهم (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) أي موازين حسناته فقد نجا من النار وهو (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) أي مرضية له وهو بها راض وكيف لا وهي الجنة دار النعيم المقيم. (وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ) أي قلت حسناته وكثرت سيئاته أو لم يكن له حسنة بالمرة كأهل الكفر والشرك (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) (٢) أي فأمه التي تضمه إليها وتؤيه عندها هاوية بحيث يهوى فيها على أم رأسه وقوله تعالى (وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ؟) أي هي (نارٌ حامِيَةٌ) (٣) هذا الاستفهام للتهويل من شأنها وهي كذلك لا أشد هولا منها إنها النار دار البوار والخسران أعاذنا الله تعالى منها وعتق رقابنا منها اللهم آمين.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر صورة صادقة لها.
٢ ـ التحذير من أهوال يوم القيامة وعذاب الله تعالى فيها.
٣ ـ تقرير عقيدة وزن الأعمال صالحها وفاسدها وترتيب الجزاء عليها.
٤ ـ تقرير أن الناس يوم القيامة فريقان فريق في الجنة وفريق في السعير.
__________________
(١) (الْقارِعَةُ) مبتدأ (مَا) اسم استفهام مبتدأ ثان القارعة خبره والجملة خبر عن المبتدأ الأول والاستفهام للتهويل من شأنها والتفخيم لأمرها. وجملة ما أدراك ما القارعة تضمنت استفهاما آخر للتهويل من شأنها أيضا كالتأكيد للأول والظرف يوم يكون مفعول فيه أي تكون أو تحصل يوم يكون الناس كالفراش.
(٢) سميت النار أما لأهلها لأنهم يؤوون إليها كما يأوي الأبن إلى أمه قاله ابن زيد ومنه قول أمية بن أبي الصلت :
فالأرض معقلنا وكانت أمنا |
|
فيها مقابرنا وفيها نولد |
(٣) في مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم ، قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله ، قال فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها.