مختصة برسول الله صلىاللهعليهوسلم إذ هو المخاطب بها وأنها تحمل طابع التعزية لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقد روي أنه لما مات ابن النبي صلىاللهعليهوسلم القاسم قال العاص بن وائل السهمي بتر محمد أو هو أبتر أي لا عقب له بعده فأنزل الله تعالى هذه السورة تحمل الرد على العاص والتعزية للرسول صلىاللهعليهوسلم والبشرى له ولأمته بالكوثر الذي هو نهر في الجنة حافتاه من الذهب ومجراه على الدر والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج ، ومن الكوثر يملأ الحوض الذي في عرصات القيامة ولا يرده إلا الصالحون من أمته صلىاللهعليهوسلم. فقوله تعالى (إِنَّا أَعْطَيْناكَ) أي خصصناك بالكوثر (١) الذي هو نهر في (٢) الجنة من أعظم أنهارها مع الخير الكثير الذي وهبه الله تعالى لك من النبوة والدين الحق ورفع الذكر والمقام المحمود وقوله (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٣) أي فاشكر هذا الإنعام بأن تصلي لربك وحده ولا تشرك به غيره وكذا النحر فلا تذبح لغيره تعالى وفي هذا تعليم لأمته وهل المراد من الصلاة صلاة العيد والنحر الأضحية لا مانع من دخول هذا في سائر الصلوات والنسك وقوله تعالى (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) (٤) أي إن مبغضك في كل زمان ومكان هو الأقل الأذل المنقطع النسل والعقب.
هداية الآيات :
من هداية الآيات :
١ ـ بيان إكرام الله تعالى لرسوله محمد صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ تأكيد أحاديث الكوثر وأنه نهر في الجنة.
٣ ـ وجوب الإخلاص في العبادات كلها لا سيما الصلاة والنحر.
٤ ـ مشروعية الدعاء على الظالم.
__________________
(١) لفظ الكوثر يطلق عربية على الخير الكثير كما هي صيغة فوعل نحو النوفل من النفل والجوهر من الجهر والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد والقدر كوثرا والكوثر الذي أعطيه النبي صلىاللهعليهوسلم نهر في الجنة كما في البخاري والنبوة والكتاب والعلم والحكمة.
(٢) في حديث البخاري دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء فإذا مسك أظفر قلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك الله عزوجل.
(٣) في الآية دليل على وجوب تقديم صلاة العيد على النحر وهو ما عليه جمهور الفقهاء وجائز أن يكون المراد من صل لربك وانحر أي صل صلاة الصبح بمزدلفة وانحر هديك بمنى.
(٤) (الْأَبْتَرُ) حقيقته : المقطوع بعضه وغلب على المقطوع ذنبه من الدواب ويستعار لمن نقص منه ما هو من الخير في نظر الناس تشبيه بالدواب المقطوع أذنابها ومنه الخبطة البتراء التي لم يحمد فيها الله ولم يصل فيها على نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم.