ألهذا جمعتنا تبالك طول اليوم فأنزل (١) الله تعالى ردا عليه (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (٢) أي خسر أبو لهب وخسر كل شيء له وهذه جملة دعائية ولذا هلك بمرض (٣) خطير لم يتمكنوا من غسله فأراقوا عليه الماء ، فقط وقوله (وَتَبَ) إخبار من الله تعالى بهلاك عبد العزى أبي لهب وقوله (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) (٤) أي لما سخط الله عليه وادخله ناره لم يغن عنه أي لم يدفع عنه العذاب ماله ولا ولده. وقوله تعالى (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) أي توقد وتأجج. (وَامْرَأَتُهُ) أم جميل العوراء (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) (٥) حيث كانت تأتي بشوك السعدان وتضعه في طريق النبي صلىاللهعليهوسلم عند ذهابه إلى صلاة الصبح بالمسجد الحرام. وقوله تعالى (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي في (٦) عنقها حبل من ليف النخل أو مسد شجر الدوم بهذا حكم الله تعالى على أعدائه وأعداء رسوله صلىاللهعليهوسلم.
هداية
من هداية الآيات :
١ ـ بيان حكم الله بهلاك أبي لهب وإبطال كيده الذي كان يكيده لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
٢ ـ لا يغني المال ولا الولد عن العبد شيئا من عذاب الله إذا عمل بمساخطه وترك مراضيه.
٣ ـ حرمة أذية المؤمنين مطلقا.
٤ ـ عدم إغناء القرابة شيئا مع الشرك والكفر إذ أبو لهب عم النبي صلىاللهعليهوسلم وهو في النار ذات اللهب.
__________________
(١) صح أنه لما سمعت امرأة أبي لهب ما نزل فيها وزوجها من القرآن أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو جالس في المسجد عند الكعبة ومعه أبو بكر رضي الله عنه وفي يدها فهر من حجارة فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلا ترى إلا أبا بكر ، فقالت يا أبا بكر أين صاحبك قد بلغني أنه يهجوني. والله لو وجدته لضربته بهذا الفهر ، والله إني لشاعرة : مذمما عصينا وأمره أبينا ، ثم انصرفت فقال أبو بكر يا رسول الله أما تراها رأتك؟ قال : ما رأتني لقد أخذ الله بصرها عني.
(٢) سمي أبو لهب بأبي لهب وكان اسمه عبد العزى فسمي باللهب لحسنه وإشراق وجهه. وقال العلماء سمي بأبي لهب لمعان أربع والذي أراه أنه سمي بقضاء وقدر أبا لهب ليكون من أهل النار نظيره اختيار الشيوعيين اليوم شعار الحمرة ، وكلمة اليسار ، لما سبق أنهم أهل النار وأصحاب الشمال وهم أهل النار.
(٣) يسمى المرض الذي أصابه الله به مرض العدسة فمات وأقام ثلاثة أيام لم يدفن حتى أنتن ثم إن ولده غسلوه بالماء من بعيد مخافة عدوى العدسة؟ إذ كانت العرب تتقي هذا المرض كما يتقى الطاعون.
(٤) الكسب يكون حلالا ويكون حراما وخيره ما كان حلالا ، وفي الصحيح حديث عائشة رضي الله عنها إذ قالت قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ولده من كسبه رواه أبو داود.
(٥) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والسدي كانت تمشي بالنميمة بين الناس ، تقول العرب فلان يحطب على فلان إذا ورش عليه أي حرش. قال الشاعر :
إن بني الأدرم حمالوا الحطب |
|
هم الوشاة في الرضا وفي الغضب |
ولا منافاة مع ما روي أنها كانت تحمل حزمة الشوك إذ هي تفعل هذا أو ذاك.
(٦) الجيد العنق شاهده قول الشاعر :
وجيد كجيد الريم ليس بفاحش |
|
إذا هي نصته ولا بمعطل |
الريم : الظبي الأبيض الخالص البياض. ونصته : رفعته ، والمعطل الذي لا حلي عليه.