وعشرون ألفا ، قيل : فكم الرسل منهم؟ قال : ثلاثمائة وثلاثة عشرة» وفي رواية : «ثلاثمائة وثلاثة وستون» ، فإن الخبر آحادي ، والمسألة قطعية.
فإن قيل : ما الدليل على صرف العطف عن ظاهره ، فإن ظاهر العطف هو تغاير الذوات فقد عدلتم عن الظاهر فهلمّ الدليل.
قلنا : لا نسلم أن العطف ظاهر في ذلك ، بل وفي التغاير في الصفات سلّمنا ، فالذي صرف عن الظاهر هو الدليل العقلي ، وهو أنه إذا نبّأ الله نبيا لا يمكن أن يدل على نبوته إلا بالمعجزة إذ لا طريق إليه غيرها ، ولا بد إليها من طريق وإلا كانت النبوة عبثا ، والنبي لا بد فيه من معنى الإرسال ولا يصح أن يكون رسولا إلى نفسه ، ولا يتصور فرق بينه وبين الأفاضل من أمته أهل وقته إلا بكونه يوحى إليه ويظهر المعجز علي يديه ويهتدي إلى ما لا يهتدي إليه غيره ويهدي إليه.
فقول الحشوية إنه يسمى بعض الأشخاص نبيا من غير وحي ولا معجزة ولا شريعة متجددة ولا إحياء مندرسة بل يفارق سائر البشر بالتنويرات والإلهامات ، باطل لما ذكرنا ، وكذلك ما قاله الزمخشري وقاضي القضاة : إن النبي من بعث لتقرير شريعة جاء به (١) غيره وإحياء ما اندرس منها كيوشع وأكثر أنبياء بني إسرائيل المقررون لشريعة موسى المجددون لمندرسها.
فإنا نقول : إن أوحي إليهم بها من غير واسطة بشر كما أوحي إلى موسى فلا فرق بينهم وبين موسى ، وإلا كانوا كغيرهم ، والله أعلم.
واعلم : أن المهم المقصود من هذا الباب ، والقطب الذي يدور عليه رحى الكلام في النبوات : هو (أنّ محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم نبي صادق) ، فإن هذه المسألة أصل للقواعد الشرعية ، وعمدة مسائل أصول الدين بعد معرفة توحيد الله وعدله ، وعليها مدار العلم بجميع
__________________
(١) هكذا في الأصل ، والأولى : جاء بها ، تمت.