انتهى.
وأيضا فإنما يقتضي ظاهرها أنه إنما يغفر ما دون ذلك لمن يشاء تفضلا ، فمن أين أنه قد شاء أن يغفر الكبائر تفضلا ، وهو محل النزاع لا سيما وغفرانها يكشف عن الكذب في آيات الوعيد.
قال الرازي معترضا لاحتجاج أصحابه بهذه الآية : ولئن سلمنا دلالة الآية على غفران الكبيرة فإن الله تعالى لو قال : إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ، ولا أكل أموال اليتامى ، ولا الفرار من الزحف ، ولا قتل المؤمن بغير حق ، ويغفر ما دون ذلك لكنا نقطع على أنه ليس المراد بما دون ذلك شيئا من هذه الكبائر ، وقد توعد تعالى على هذه الذنوب في غير هذه الآية ، فوجب أن لا يختلف الحكم الذي ذكرناه ؛ لأن القرآن كله كالكلمة الواحدة في البعد عن التناقض والاختلاف ، وأيضا فلا تعلق لواحد من فرق المرجئة.
أما من قال : لا وعيد على مرتكبي الكبائر من أهل الصلاة كما ينسب إلى مقاتل وغيره ، فيقال له : إذا لم يكن عليه وعيد مستحق فلا معنى للغفران ؛ لأن الذنب ساقط.
وأما من قال : إن الفاسق يعذب عذابا منقطعا كما يحكى عن المريسي ، فيقال له : الآية عندك تقضي بالغفران وأنت قطعت على نزول العقاب فأين الغفران؟
وأما من قال : بالوقف ، وهم الجمهور من المرجئة ، فيقال لهم : ظاهر الآية عندكم تقتضي القطع على المغفرة لمن عدا المشركين وأنتم تتوقفون ، وقوله : (لِمَنْ يَشاءُ) لا يقتضي الوقف ؛ لأن الذي علّق بالمشيئة هو تعيين المغفور له ، فأما المغفرة فمطلقة ، وإذا كان ظاهرها يقتضي ما لا يقول به أحد من الأمة وجب صرفها إلى الصغائر أو الكبائر مع التوبة.
وأيضا فإن الآية مجملة لم يبين الله تعالى فيها من الذي يشاء له المغفرة وبيانها في