والجواب : أنّا نقول مسلّم أنه ممن يصلى النار ، فمن أين يصلى هذه النار المخصوصة التي وصفها الله تعالى ، وإنما هي نار منكرة غير معيّنة.
وأيضا فلسنا نحكم بدخوله النار لأجل هذه الآية ، بل لمثل قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ) [هود : ١٠٦] والفاسق شقي وليس بأشقى.
قالوا : قال تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) [المائدة : ٤٤] والفاسق قد يكون فسقه بالحكم بغير ما أنزل الله.
قلنا : هي واردة في اليهود ، وإنما قصرت على السبب لمانع من العموم ، وهو ما قدمنا من الأدلة على أن الفاسق ليس بكافر ، ولما روي عن ابن عباس من أن الفاسقين والكافرين والظالمين أهل الكتاب.
هذا وأما قول المصنف : (وأما الأسماء فيقال : كافر وملحد ؛ لأنه جاحد لله تعالى ولرسوله ولجنته وناره ، ولا شك أن الفاسق لا يفعل شيئا من ذلك) فقد قال الشارح المحقق : ما كان ينبغي ؛ لأن إطلاق الكافر على الفاسق هو عين محل النزاع ، وأما ملحد فهو اسم لكافر مخصوص ، وهو الجاحد للصانع ، فعدم إطلاقه على الفاسق كعدم إطلاقه على من كفر بغير ذلك.
(وأما الدليل على أنّ الفاسق لا يسمى منافقا أن المنافق) كما يقوله الحسن البصري (١) فهو وإن كان في الأصل اسما لمن يظهر أمرا ويبطن خلافه ، مأخوذ من النافقا أحد جحرة اليربوع حيث كان يخفي أحد جانبيه ويظهر الآخر ، فقد صار في الشرع يسمى به (من أبطن الكفر وأظهر الإسلام) ومعلوم أن الفاسق لا يكون كذلك ، فإن أحدنا يعلم من نفسه أنه يقدم على المعصية مع إقراره بالله تعالى ووعيده ،
__________________
(١) الحسن بن أبي الحسن بن يسار البصري أبو سعيد مولى أم سلمة ، أحد الأعلام كان إمام أهل البصرة ، ومن عظماء التابعين وكبارهم ، اشتهر بعلمه وزهده وتقواه ، وهو من أشهر المحدثين روى عن أمم ، وروى عنه أمم كثيرة.