الواجب ليجب لا يجب؟
والجواب : أنا لا نسلم عدم وجوب تحصيل شرط الواجب ، بل يجب إن لم يرد الأمر مشروطا به ، والأمر الآخر الدال على وجوب النظر عقلا إفحام الرسل لو لم يجب إلا سمعا كما ذلك مذهب البعض ، بيانه أن الرسول إذا قال لمن يخاطبه : انظر في معجزتي كي تعلم صدقي ، فله أن يقول : لا أنظر حتى يجب النظر ، ويكون هذا القول حقا لا سبيل للرسول إلى دفعه ، وهذا حجة عليه وهو معنى الإفحام ، وللمخالف معارضة وتحقيق ، وقد كفى في الرد عليهم علماء العدل ، والغرض الإشارة لا التطويل.
فائدة : معنى قولهم : النظر أول واجب أنه لا يعرى المكلف عن وجوبه عند ابتداء تكليفه بخلاف سائر الواجبات ، فإنه قد يعرى عنها نحو قضاء الدين ورد الوديعة وشكر المنعم ؛ لأنه قد يخلو عن الدين ، وعن الوديعة ، وعن نعمة غير الله ، وأما نعمة الله فهو وإن لم يعر عنها في حال لكنه لا يجب عليه شكرها حتى يعرفه ، وهو في أول تكليفه غير عارف فلا يلزمه الشكر ، فظهر لك أنه قد يعرى في أول تكليفه عن جميع الواجبات ما خلى النظر فإنه لا يعرى عنه ، ولما كان كذلك وصف بأنه أول الواجبات وليس بأولها في كل حال بل عند عرو المكلف عمّا عداه من الواجبات ، والذي حملهم على الإطلاق المبالغة في الحث عليه والاهتمام به.