الفلاسفة أثبتت علة قديمة وصدر عقل عنها ، فالكلام متقارب وإن اختلفت العبارة.
وأما الطبائعية فيبطل قولهم : أن الطبع الذي نسبوا إليه التأثير غير معقول وأن من حق ما ينسب إليه التأثير أن يكون أمرا معقولا مميزا موجودا.
وأما الطبع : الذي أثبته أهل اللغة فهو وإن كان معقولا فهو ليس بأمر وجودي بل أمر اعتباري ، ومعناه العادة والسجية ، وأيضا فالطبع شيء واحد ، فما الأمر الذي اقتضى وقوع الأشياء على هذا الترتيب البديع والحكمة الباهرة ، ووقوعها بحسب المصالح في كل وقت؟ وأيضا فالطبع إما موجود أو معدوم ، والموجود إما قديم أو محدث ، القسمة الأولى بعينها في أول المسألة.
وأما أصحاب النجوم : وهم فرقة من الفلاسفة وغيرهم ، فالنجوم عند المسلمين جمادات سخرها الله تعالى بأمره ودبّر حركاتها بمشيئته ، خلقها تعالى حكمة لمنافع عبيده لما فيها من الألطاف لهم ، وزينة للسماء ، ورجوما للشياطين ، وعلامات يهتدى بها كما حكى الله تعالى ، فالذي يبطل قول من جعلها فاعلة مختارة أنها غير حية ، (١) ولا قادرة والفعل لا يصح إلا من حي قادر ضرورة فبطل ما قاله المخالف ، والنجوم التي زعموها مؤثرة سبعة هي : زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر ، على اختلاف بينهم ، فمنهم من يقول : تأثيرها على جهة الإيجاب ولا قدرة لها ، ومنهم من يقول : بل على جهة الصحة والاختيار ، وهي حية قادرة عالمة ، وهذه دعوى لا دليل عليها ، ولا يصح تأثير جسم في إيجاد جسم ولا إحداثه ، فإذا بطل قولهم لم يبق إلا أن المؤثر هو الصانع المختار ، والحمد لله.
__________________
(١) من هنا موضع النقص الذي أشرنا إليه ، وإتمام ذلك وتكميله أول ذلك لفظة : (ولا قادرة) وسننبه على تمام ذلك .. عبد الرحمن حسين شائم وفقه الله.