ولا يرضاه).
أما كونه تعالى عالما بقبح القبيح وغنيا عنه ، وعالما باستغنائه عنه فقد تقدم في مسألة غني وعالم أنه يستحيل عليه الجهل والحاجة.
وأما أنه لا علة في حق الشاهد لفعل القبيح إلا اجتماع هذه الأوصاف ؛ فلأن العلم بذلك يدور مع العلم باجتماعها ثبوتا وانتفاء ، ولو كان لمؤثر غيرها لجاز أن يفعل أحدنا القبيح مع اجتماعها أو يستمر الحال في أنه لا يفعله مع زوالها أو بعضها وخلافه معلوم ، ألا ترى أن الظلمة لا يغتصبون الأموال إلا لاعتقادهم أنهم محتاجون إليها أو لجهلهم بأن ذلك ظلم ، إما بأن يعتقدوا بأن المغصوب عليه يستحق بأن يغصب عليه ، أو أنهم يدفعون بذلك ضررا عن الرعية ويدّخرونه لما ينوب الجميع ، يزيد ذلك وضوحا أن العاقل لو خير بين أن يكذب ويأخذ درهما أو يصدق ويأخذ درهما مثله فإنه يختار الصدق لا محالة.
فإن قيل : إنه لا يختار الكذب لاستحقاق الذم عليه والعقوبة.
قلنا : نفرض الكلام في كافر دنيء لا يتضرر بالذم ولا يعلم استحقاق العقاب ، فثبت أنه لا علة لكونه لا يفعله إلا اجتماع هذه الأوصاف ، (فثبت) بهذه الطريق أن الله (عدل حكيم) كما ذكر.