إلا استدلالا.
وقالوا : على ذلك (إن تكليف ما لا يطاق قبيح ، والله تعالى لا يفعل القبيح).
فإن قيل : (و) ما (الذي يدل على أن تكليف ما لا يطاق قبيح)؟
قيل له : (هو معلوم) قبحه (ضرورة في حق الشاهد ، ألا ترى أنه يقبح في الشاهد منا أن يأمر الأعمى بنقط المصحف ، وأن يأمر المقعد بالجري مع الخيل العربية ، وأن يأمر من لا جناح له بالطيران ، وقبح ذلك معلوم ضرورة ، ولم يقبح ذلك إلا لكونه تكليفا لما لا يطاق) بدليل أن من علمه كذلك علم قبحه ، وإن جهل كل أمر من سمع وغيره ، (فلو كلف الله تعالى عباده ما لا يقدرون عليه لكان قبيحا ، والله تعالى لا يفعل القبيح).
ولهم شبه من جهة السمع والعقل ، فأما السمع فلا مدخل له في هذه المسألة ؛ لأنها مما لا يصح الاحتجاج فيها به عند البعض.
وأما العقل فقالوا : لو قدر أحدنا على الفعل لكان إما أن يقدر حال وجوده وهو محال ، لاستحالة إيجاد الموجود ، أو قبل وجوده وهو محال ؛ لأن القدرة إن كان لها أثر لزم حصول المقدور حال حصول الأثر ، وإن لم يكن لها أثر لزم أن لا يكون قدرة.
والجواب : أن هذا معارض بقدرة الباري تعالى وجوابهم جوابنا ، والتحقيق : أنّ القدرة ثابتة قبل الفعل ، ولها به تعلق يثبت حال ثبوتها ، وهو صحة إيجاده لها.
وأما التأثير : فمعناه أنه وجد بها ، وذلك لا يحصل إلا حال وجود المقدور ؛ لأنه هو وجود المقدور بها.
قالوا : قد كلف الله تعالى ما يعلم أنه لا يقع والقدرة على خلاف الفعل محال ؛ لأن ذلك يؤدي إلى انقلاب علم الله جهلا.
والجواب أن يقال : من سلم لكم استحالة القدرة على خلاف المعلوم ، ولو ادعينا