فإذا كان أهل بيته وعترته لا يفارقون القرآن ، ولا يفارقهم القرآن ، فكانوا هم العلماء بالقرآن ، وأحقّ من نسب إليه القرآن.
ويقال : إنّه القرآن علما وعملا ، ولم يثبت في حقّ غيرهم من أعلام المفسّرين شيء من هذه المنقبة الّتي لا يطمع فيها طامع.
وبالجملة هم أكمل أفراد أهل القرآن وأظهرهم ، فليحمل عليهم الإطلاق المذكور. على أنّ الله لا يأمر بالسؤال من الجهّال لقبحه ونقص غرضه ، ولم نر غير آل محمّد صلوات الله عليهم في الأمّة من يدّعي علم القرآن كلّه ، ولو ادّعاه أحد كفاه إحساس عجزه في أغلب الآيات ، فكان من بلغ الغاية من علماء التفسير نراه كالحيارى في فهم جلّ الآيات ، يذكر وجوها من الاحتمالات ؛ بخلاف ما نراه من عليّ عليهالسلام ، وأولاده الطاهرين عليهمالسلام من علمهم بآياته كلّها تأويلا وتنزيلا ظهرا وبطنا (١) ، بل بطونه من غير اجتهاد وحيرة.
فإطلاق الأمر بالسؤال من أهله في كلّ آية ومسألة يقتضي الأمر بالسؤال عمّن يعلم الكلّ ولا يتوقّف ولا يجهل ، وليس إلّا آل محمّد عليهمالسلام ؛ مع أنّ القرآن فيه تبيان كلّ شيء ، والأمر بالسؤال من أهله يقتضي الأمر بالسؤال ممّن يعلم كلّ شيء ، وليس إلّا آل محمّد عليهمالسلام ، إذ لم يدّعه ولا يدّعيه أحد سواهم ، فانحصر السؤال منهم فيهم ، وإلّا لزم الأمر بسؤال من لا يوجد ، وذلك باطل ، وتخصيص الأمر بسؤال علماء الأمّة فيما علموه كلّ بحسب فهمه وعلمه تخصيص بلا مخصّص.
وأمّا على الثاني فالأمر أوضح ، ضرورة أنّ أهل الرسول إنّما هم أهل بيته
__________________
(١) ـ قال عليّ عليهالسلام في فهمه من كتاب الله تعالى : والله ما نزلت آية الّا وقد علمت فيهم نزلت ، وأين نزلت ، وعلى من نزلت ، إنّ ربّي وهب لي قلبا عقولا ولسانا ناطقا.
حلية الأولياء ١ : ٦٧ ؛ تفسير الطبريّ ١٢ : ١٠ ؛ تذكرة الخواصّ ١٦ ؛ المناقب للخوارزميّ ٩٠ ، ٩٤ ؛ الدرّ المنثور ٣ : ٣٢٤.