القربى هم ذوي قرابة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والظاهر المتبادر من القرابة قرابة النسب لا السّبب ، فخرج مثل عثمان. ثمّ الظّاهر المتبادر من ذوي قرابة النبيّ صلىاللهعليهوآله أقاربه العرفيّة وأرحامه ، فلا يعمّ مثل أبي بكر ، لاتّفاق الأمّة على عدم كونه رحما داخلا في آية أولي الأرحام وإن كان من قريش ، وإلّا لكان بنو آدم كلّهم أرحام وأقرباء ، مضافا إلى نصّ النبيّ صلىاللهعليهوآله في سلبه عنه في يوم البراءة بقوله صلىاللهعليهوآله : لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي (١). ومن ثمّ عزل أبا بكر عن قراءة آيات البراءة على قريش في الموسم ونصب عليّا عليهالسلام بوحي جبرئيل عليهالسلام معلّلا بذلك ، وقد رواه الفريقان متواترا.
فدلّ هذا على أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله سلب أبا بكر عن نفسه ، مضافا إلى نصوص الفريقين في الباب في تفسير الآية بعليّ وفاطمة والحسنين عليهمالسلام ، مضافا إلى ما رواه أحمد بن حنبل (٢) في المسند ، ومسلم (٣) ، والبخاريّ (٤) في الصحيحين ، والثعلبيّ في تفسيره عن ابن عباس ، أنّه قال : لمّا نزل (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) الآية ، قالوا : يا رسول الله من قرابتك الّتي وجب علينا مودّتهم؟ قال صلىاللهعليهوآله : عليّ وفاطمة وابناهما عليهمالسلام (٥).
وهذا نصّ في الاختصاص. والنبيّ لم يضف إليهم غيرهم ، والظّاهر عدمه ؛ وتأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز عقلا ونقلا.
كما ـ تقرّر في محلّه ـ مضافا إلى أنّ الحسنة المذكورة بعد الآية (وَمَنْ يَقْتَرِفْ
__________________
(١) ـ سبق تخريج هذا الحديث في ذيل الآية الرابعة.
(٢) ـ مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٨٦ ، رواه عن ابن عبّاس ؛ سنن أبي داود ٥ : ٣٧٧.
(٣) ـ لم أعثر عليه في صحيح مسلم المطبوع.
(٤) ـ صحيح البخاريّ ٤ : ١٨١٩ ح ٤٥٤١ ؛ و ٣ : ١٢٨٩ ح ٣٣٠٦ باختلاف.
(٥) ـ نهج الإيمان ٤٩٦ ، عن الثعلبيّ.