بالله من أنت؟ قال : فكشف العمامة من وجهه ، فقال : يا أيّها النّاس من عرفني ، فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا جندب بن جنادة البدريّ أبو ذر الغفاريّ ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله بهاتين ـ وإلّا فصمّتا ـ ورأيته بهاتين ـ وإلّا فعميتا ـ يقول : عليّ قائد البررة ، وقاتل الكفرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله. إنّي صلّيت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما من الأيّام صلاة الظهر ، فسأل سائل في المسجد ، فلم يعطه أحد ، فرفع السائل يده إلى السّماء ، وقال : اللهمّ اشهد إنّي سألت في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله فلم يعطني أحد شيئا ؛ وكان عليّ عليهالسلام راكعا ، فأومأ إليه بخنصره اليمنى الّتي كان يتختّم فيها ، فأقبل السّائل وأخذ الخاتم من خنصره وذلك بعين النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فرفع رأسه إلى السّماء وقال : اللهم إنّ أخي موسى سألك ، فقال (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) (١) (٢). فأنزلت عليه قرآنا ناطقا : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) (٣) اللهمّ وأنا محمّد نبيّك وحبيبك ، اللهمّ فاشرح لي صدري ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيرا من أهلي عليّا ، واشدد به أزري ـ أو قال : ظهري ـ.
قال أبو ذر : فو الله ما استتمّ رسول الله الكلمة حتّى نزل به جبرئيل ، فقال : اقرأ يا محمّد ؛ فقال : وما أقرأ؟ قال : اقرأ : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ).
فأنشد حسّان بن ثابت (٤) من شعراء الأصحاب ـ على ما حكاه عنه عظماء
__________________
(١) طه : ٢٥ ـ ٣٣.
(٢) تفسير الثعلبيّ ٤ : ٨٠ ، ٨١.
(٣) القصص : ٣٥.
(٤) جاء في شعراء الشيعة للمرزبانيّ ٤٢ ؛ ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج ٣ : ١٠ خزيمة بن ثابت وهو ذو الشهادتين من أصحاب الإمام عليّ عليهالسلام.