الذرية من يستحق الإمامة ومنهم من لا يستحقها هذا من جملة المسلمين وذلك أنه يستحيل أن يدعو إبراهيم بالإمامة للكافر أو للمسلم الذي ليس بمعصوم فصحّ أن باب التبعيض وقع على خواص المؤمنين ، والخواص إنما صاروا خواصا بالبعد من الكفر ثم من اجتنب الكبائر صار من جملة الخواص اخصّ ثم المعصوم هو الخاص الأخص ، ولو كان للتخصيص صورة أربى عليه لجعل ذلك من أوصاف الإمام وقد سمّا الله عزوجل عيسى من ذرية إبراهيم وكان ابن بنته من بعد ولما صحّ أن ابن البنت ذرية ودعا إبراهيم لذريته بالامامة وجب على محمد صلىاللهعليهوآله الاقتداء به في وضع الإمامة في المعصومين من ذريته حذو النعل بالنعل بعد ما أوحى الله عزوجل إليه وحكم عليه بقوله : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) (١) الآية ولو خالف ذلك لكان داخلا في قوله : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) (٢) جل نبي الله صلىاللهعليهوآله عن ذلك وقال اللهعزوجل : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) (٣) وهذا النبي والذين آمنوا وأمير المؤمنينعليهالسلام أبو ذرية النبي صلىاللهعليهوآله ووضع الإمام فيه ووضعها في ذرية المعصومين بعد وقوله عزوجل : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٤) يعني بذلك أن الإمامة لا تصلح لمن قد عبد وثنا أو صنما أو اشرك بالله طرفة عين ، وإن اسلم بعد ذلك والظلم وضع الشيء في غير موضعه وأعظم الظلم الشرك قال عزوجل : (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٥).
وكذلك لا يصلح للإمامة من قد ارتكب من المحارم شيئا صغيرا كان أو كبيرا ، وإن تاب منه بعد ذلك وكذلك لا يقيم الحد من في جنبه حدّ ، فإذا لا يكون الإمام إلّا معصوما ولا تعلم عصمته إلّا بنص الله عزوجل عليه عل لسان نبيّه صلىاللهعليهوآله لأن العصمة ليست في ظاهر الخلقة فترى كالسواد والبياض وما اشبه ذلك فهي مغيبة لا تعرف إلا بتعريف علام الغيوب عزوجل» (٦).
الحديث الثالث : محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن هشام بن سالم ودرست بن أبي منصور قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : «قد كان إبراهيم نبيّا وليس بإمام حتى قال الله (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) فقال الله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما» (٧).
__________________
(١) النحل : ١٢٣.
(٢) البقرة : ١٣٠.
(٣) آل عمران : ٦٨.
(٤) البقرة : ١٢٤.
(٥) لقمان : ١٣.
(٦) معاني الأخبار : ١٢٦ / ح ١ واختصر المصنف.
(٧) الكافي : ١ / ١٧٥ ـ ١٧٦ ح ١ باب طبقات الأنبياء والحديث طويل.