الباب الرابع والثلاثون
في قوله تعالى (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ)
من طريق الخاصة وفيه حديث واحد
محمد بن يعقوب عن أبي القاسم رضي الله عنه رفعه عن عبد العزيز بن مسلم وروى ابن بابويه في كتاب (معاني الأخبار) قال أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال : حدّثنا أبو أحمد القاسم بن أحمد بن محمد بن علي الهاروني قال : حدّثنا أبو حامد عمران بن موسى بن إبراهيم عن الحسن بن القاسم الزمام قال : حدثني القاسم بن مسلم عن أخيه عبد العزيز بن مسلم واللفظ لمحمد بن يعقوب قال كنا مع الرضا عليهالسلام بمرو فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا فاداروا أمر الإمامة. وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيديعليهالسلام فاعلمته خوض الناس في ذلك فتبسم عليهالسلام ثم قال : «يا عبد العزيز جهلوا القوم وخدعوا عن أديانهم إن الله عزوجل لم يقبض نبيه صلىاللهعليهوآله حتى أكمل لهم الدين وأنزل عليه القرآن فيه تبيان كل شيء بين فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج الناس إليه كملا وقالعزوجل : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمرهصلىاللهعليهوآله (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) فأمر الإمامة من تمام الدين ولم يمض رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى بيّن لأمته معالم دينهم واوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق واقام لهم عليا عليهالسلام علما وإماما وما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلّا بيّنة فمن زعم أن الله عزوجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله ، ومن رد كتاب الله فهو كافر.
هل تعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم إن الإمامة أجل قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم إن الإمامة خص الله عزوجل بها إبراهيم الخليل عليهالسلام بعد النبوة والخلة مرتبة ثالثة وفضيلة شرفه بها وأشاد بها ذكره فقال : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) فقال الخليل عليهالسلام سرورا بها : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي)؟ قال الله تبارك وتعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلى يوم القيامة فصارت في الصفوة ثم أكرمه الله تعالى بأن جعلها الله في ذريته أهل