الباب الحادي والثلاثون
في قوله تعالى (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١)
من طريق العامة وفيه خمسة أحاديث
الحديث الأول : إبراهيم بن محمد الجويني في كتاب (فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين) وهو من علماء العامة قال : أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الفامي ، أنبأنا القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان النصيبي ببغداد نبأنا أبو بكر محمد بن الحسين البيهقي السبيعي بحلب حدثني الحسين بن إبراهيم الجصاص ابن حسين بن الحكم بن إسماعيل ابن أبان عن فضيل بن الزبير عن أبي داود السبيعي عن أبي عبد الله الجدلي قال : دخلت على علي ابن أبي طالب عليهالسلام فقال : «يا أبا عبد الله ألا ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها أدخله الله الجنة والسيئة التي من جاءها أكبّه الله في النار ولم يقبل معها عملا؟» قلت : بلى قال : «الحسنة حبنا والسيئة بغضنا (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي من هذه الحسنة أي فله من هذه الحسنة خير يوم القيامة ، وهو الثواب والأمن» قال ابن عباس : (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي يصل إليه الخير ، وعن ابن عباس أيضا (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) يعني الثواب لأن الطاعة فعل العبد ، والثواب فعل الله تعالى وقيل : هو أن الله تعالى يقبل إيمانه وحسناته وقبول الله سبحانه خير من عمل العبد وقيل : (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي رضوان الله تعالى قال الله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ) وقال محمد بن كعب وعبد الرّحمن بن زيد (فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) أي الأضعاف أعطاه الله تعالى بالواحدة عشرا فصاعدا فهذا خير منها ولقد أحسن ابن كعب وابن زيد في تأويلهما ، لأن للأضعاف خصائص ، منها : أن العبد يسأل عن عمله ولا يسأل عن الأضعاف ، ومنها أن للشيطان سبيلا إلى عمله ولا سبيل إلى الأضعاف ؛ ولأنه لا يطمح للخصوم في الأضعاف ، ولأن دار الحسنة دار الدنيا ودار الأضعاف الجنة ؛ ولأن الحسنة على استحقاق العبد والتضعيف كما يليق بكرم الرب سبحانه (٢).
الحديث الثاني : الحمويني هذا أخبرني أحمد بن إبراهيم بن عمر إجازة عن عبد الرّحمن بن
__________________
(١) النمل : ٨٩ ـ ٩٠.
(٢) فرائد السمطين : ٢ / ٢٩٧ / باب ٦١ / ح ٥٥٤.