الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم ثم قرأ (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت» (١).
الحديث السادس والثلاثون : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من أعيان علماء المعتزلة قال : قد بيّن رسول الله صلىاللهعليهوآله عترته من هي لما قال : «أنا تارك فيكم الثقلين» فقال : «وعترتي أهل بيتي» وبيّن في مقام آخر من أهل بيته حين طرح عليهم الكساء وقال حين نزل (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) : «اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس» ثم قال ابن أبي الحديد : فإن قلت فمن هي العترة التي عناها أمير المؤمنين بهذا الكلام؟ قلت : نفسه وولديه.
والأصل في الحقيقة نفسه لأن ولديه تابعان له ونسبتهما إليه مع وجوده كنسبة الكواكب المضيئة مع طلوع الشمس المشرقة ، وقد نبّه النبي صلىاللهعليهوآله على ذلك بقوله : «وأبوكما خير منكما» قوله : «وهم أزمّة الحق» جمع زمام كأنه جعل الحق دائرا معهم حيث ما دارو ذاهبا معهم حيث ذهبوا كما أن الناقة طوع زمامها وقد نبّه الرسول صلىاللهعليهوآله على صدق هذه القضية بقوله : «وادر الحق معه حيث دار» قوله : «وألسنة الصدق من الألفاظ الشريفة القرآنية قال الله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)» لما كان لا يصدر عنهم حكم ولا قول إلا وهو موافق للحق والصواب جعلهم الله كأنهم ألسنة الصدق لا يصدر عنها قول كاذب أصلا ، بل هي كالمطبوعة على الصدق قوله : «فانزلوهم باحسن منازل القرآن» تحته سر عظيم وذاك أنه أمر المكلفين بأن يجروا العترة في إجلالها وإعظامها والانقياد لها والطاعة لأوامرها مجرى القرآن ثم قال ابن أبي الحديد : فإن قلت : فهذا القول منه صلىاللهعليهوآله يشعر بأن العترة معصومة فما قول أصحابكم في ذلك قلت : نصّ أبو محمد بن مويه قدسسره في كتاب (الكفاية) على أن عليا عليهالسلام معصوم ، وأن لم يكن واجبا العصمة ولا العصمة شرط في الإمامة لكن أدلة النصوص قد دلت على عصمته والقطع على باطنه ومغيبه وإن ذلك أمر اختص هو عليهالسلام به دون غيره من الصحابة والفرق ظاهر بين قولنا : زيد معصوم وبين قولنا : زيد واجب العصمة لأنه إمام ومن شرط الإمام أن يكوم معصوما ، فالاعتبار الأول مذهبنا والاعتبار الثاني مذهب الإمامية (٢).
الحديث السابع والثلاثون : المالكي في كتاب الفصول المهمة عن الواحدي في كتابه المسمّى ب (أسباب النزول) يرفعه بسنده إلى أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت : كان النبي في بيتها يوما
__________________
(١) فرائد السمطين : ٢ / ١٢٠ / ب ٢٦ / ح ٤٢١.
(٢) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٣٧٥.