شاة فأدمها ثم قال : «ادنوا بسم الله» فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة» ثم قال لهم : «اشربوا بسم الله» فشربوا حتى رووا ، فبدرهم أبو لهب فقال : هذا ما سحركم به الرجل ، فسكت النبي صلىاللهعليهوآله يومئذ فلم يتكلم ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك الطعام والشراب ثم أنذرهم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : «يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عزوجل والبشير لما لم يجيء به أحد جئتكم بالدنيا والآخرة فاسلموا وأطيعوني تهتدوا ومن يواخيني ويوازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟» فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم ويقول عليّ : «أنا» ، فقال : أنت.
فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمر عليك.
وروى ذلك من طريق الثعلبي في تفسيره بالسند والمتن بتغيير يسير لا يضر بالمعنى (١).
الحديث الرابع : ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة وهو من اعيان علماء العامة قال : ذكر الطبري في تاريخه عن عبد الله بن عباس عن علي بن أبي طالب عليهالسلام قال : «لما نزلت هذه الآية (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) على رسول الله صلىاللهعليهوآله دعاني فقال : يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعا وعلمت أنه متى ما أبادرهم بهذا الأمر أر منهم ما أكره فصمت حتى جاءني جبرئيل فقال يا محمد إنك إن لم تفعل ما أمرت به يعذبك ربك فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عسا من لبن ثم اجمع بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه رجلا ، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ، فلما اجتمعوا إليه دعى بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به.
فلما وضعته تناول رسول الله صلىاللهعليهوآله بضعة من اللحم فشقها باسنانه ثم القاها في نواحي الصحفة ثم قال : كلوا بسم الله ، فأكلوا حتى ما لهم إلى شيء من حاجة ، وأيم الله الذي نفس علي بيده إن كان الرجل الواحد منهم ليأكل ما قدمته لجميعهم ، ثم قال : اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا ، وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله.
فلما أراد رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال : لشد ما سحركم صاحبكم فتفرق القوم ولم يتكلم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : من الغد يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم فعد لنا اليوم إلى مثل ما صنعت بالأمس ثم اجمعهم
__________________
(١) العمدة : ٣٨ عن الثعلبي.